شارع البورصة

«بحوث هيرميس»: ارتفاع الأسعار وخفض الفائدة يرسمان مستقبل أسهم قطاع الدواء

الحكومة تضخ 10 مليارات جنيه لتسوية مستحقات الشركات وتحفيز الإنتاج المحلي

قالت وحدة بحوث بنك الاستثمار “إى إف جى هيرميس” إن قطاع الأدوية في مصر يمر بمرحلة إعادة تقييم جديدة بعد عامين من الضغوط التمويلية وارتفاع التكلفة، مدفوعًا بموجة من المتغيرات الإيجابية التي تشمل رفع أسعار الأدوية، وخفض أسعار الفائدة، وتحسن السيولة الحكومية الموجهة لتسوية المستحقات.

وأضافت في تقرير لها أن سوق الدواء المصري حقق نموًا سنويًا بلغ 56% خلال النصف الأول من 2025، بدعم رئيسي من زيادة الأسعار بنسبة 43%، مع ارتفاع أحجام المبيعات بنحو 9%، بعد عام 2024 الذي شهد نقصًا في المعروض وتراجعًا في الإنتاج بسبب أزمة العملة.

وأشار التقرير إلى أن الهيئة المصرية للدواء اعتمدت زيادات في أسعار نحو 2700 صنف دوائي تمثل 80% من إجمالي السوق، مقارنة بـ54% فقط خلال الربع الأول من العام، ما دفع «هيرميس» إلى رفع توقعاتها لنمو السوق خلال 2025 إلى 30% بدلًا من 25% سابقًا.

محفزات إضافية لإعادة التقييم

أكدت بحوث «هيرميس» أن أسهم شركات الأدوية المصرية تفوقت على السوق العام خلال العام الجاري، إذ ارتفع مؤشر القطاع بنحو 37% منذ بداية 2025 مقابل 18% لمؤشر EGX30، نتيجة تحسن الأرباح واستجابة الأسعار لقرارات التسعير الجديدة.

وأوضح التقرير أن هذه الطفرة لم تنتهِ بعد، إذ بدأت تظهر محفزات إضافية تدعم استمرار إعادة التقييم، من أبرزها، اعتماد زيادات جديدة في أسعار الأدوية تغطي معظم المنتجات في السوق، وخفض أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس في أغسطس الماضي، ما خفف الأعباء التمويلية على الشركات التي تعاني من ارتفاع الديون، حيث يبلغ متوسط صافي الدين إلى الأرباح التشغيلية نحو 1.7 مرة فقط، بالإضافة إلى تخصيص الحكومة 10 مليارات جنيه لتسوية التزاماتها المالية لصالح شركات الأدوية والمستلزمات الطبية، مما يوفر سيولة مباشرة ويحد من تراكم المتأخرات.

وترى «هيرميس» أن تلك العوامل ستدعم مزيدًا من التحسن في هوامش الربحية ونمو الأرباح خلال 2025-2026، مع استمرار البيئة النقدية التيسيرية ودعم الدولة لإنتاج المواد الخام محليًا.

“إيبيكو” تراهن على المصنع الجديد.. و«ابن سينا» المستفيد الأكبر من تخفيض الفائدة

وتوقعت البحوث أن يستمر تحسن الأداء المالي حتى 2027، مع توسع الشركات في التصدير وزيادة مساهمة المنتجات عالية الربحية، خصوصًا بعد تراجع تكلفة التمويل وتحسن دورة رأس المال العامل.

وأكد التقرير على أن إصلاح سياسات التسعير وتفعيل التسويات الحكومية وخفض الفائدة كلها عوامل ستمنح قطاع الأدوية المصري نقطة انطلاق جديدة خلال 2025–2026، بعد فترة طويلة من الضغط على الهوامش والديون.

وأشارت إلى أن السوق المحلي يتجه إلى مرحلة من النمو المتوازن، حيث تتراجع تقلبات الأسعار وتتحسن قدرة الشركات على التنبؤ بالتكاليف، ما يتيح بيئة أكثر جاذبية للاستثمار المحلي والأجنبي.

وأكدت «هيرميس» على أن عام 2025 سيكون عامًا مفصليًا لإعادة رسم خريطة صناعة الدواء في مصر، مع انتقال الشركات من مرحلة الدفاع إلى التوسع، مستفيدة من السياسات النقدية المواتية والدعم الحكومي المتزايد للقطاع.

ابن سينا فارما: المستفيد الأكبر من خفض الفائدة

اعتبرت «هيرميس» شركة «ابن سينا فارما» الرابح الأكبر من التطورات الحالية، مرجعة ذلك إلى تأثرها القوي بتكاليف التمويل، حيث أوضحت أن 71% من أرباح التشغيل لعام 2024 استُهلكت في مصروفات الفائدة.

وأضاف التقرير أن كل خفض بمقدار 1 نقطة مئوية في أسعار الفائدة يرفع أرباح الشركة المتوقعة بنحو 7%، وهو ما يجعلها من أكثر المستفيدين من دورة التيسير النقدي الحالية.

كما بدأت الشركة تنفيذ خطة للتخلص من الأصول غير الأساسية بقيمة 1.18 مليار جنيه من أصل 1.34 مليار، ما يسهم في خفض الديون والنفقات بقيمة إجمالية قدرها 266 مليون جنيه خلال 2025-2026.

وحققت «ابن سينا» نموًا في الأرباح التشغيلية بنسبة 82% خلال النصف الأول من 2025، فيما توقعت «هيرميس» أن يسجل سهمها قيمة عادلة تبلغ 14.5 جنيه، مع توصية بالشراء، مشيرة إلى أن الشركة ما تزال تتداول عند مضاعف ربحية جاذب لا يتجاوز 7 مرات للأرباح المتوقعة في 2026.

مصنع “إيبيكو 3” مفتاح النمو المستقبلى

وأوضح التقرير أن “إيبيكو” ما زالت تحتفظ بأرخص تقييم في القطاع، لكنها في انتظار حدث محوري يتمثل في الافتتاح الرسمي لمصنع الأدوية الحيوية (إيبيكو 3)، الذي تأجل منذ عام 2022 ومن المقرر بدء تشغيله بين نهاية 2025 وبداية 2026.

وأوضح أن الشركة رفعت صافي أرباحها بنسبة 176% خلال النصف الأول من العام مدعومة بزيادة الإيرادات 36%، وأنها تستفيد من ارتفاع الأسعار المحلية وتحسن التصدير، حيث تمثل الصادرات نحو ثلث إيراداتها السنوية.

وحددت البحوث القيمة العادلة لسهم إيبيكو عند 100 جنيه مع توصية بالشراء، مشيرة إلى أن التحسن المتوقع في هوامش التشغيل وإطلاق منتجات جديدة سيشكلان ركيزة النمو خلال السنوات المقبلة.

كما أشارت إلى أن الشركة تمتلك ميزانية قوية بمستوى مديونية أقل من معظم الشركات المنافسة، وأن المصنع سيسهم بنحو 11% من الإيرادات بحلول 2029، ما يعزز ربحيتها بشكل ملحوظ.

راميدا: أداء تشغيلي جيد لكن بنمو أقل

في المقابل، رصد التقرير أداءً قويًا لشركة رميدا حيث حققت زيادة في الإيرادات بنسبة 79% خلال النصف الأول من العام، غير أن الشركة خفّضت توجيهها لنمو الأرباح خلال 2025 إلى ما بين 25و35% بدلًا من 55% سابقًا، ما يعكس توقعات أكثر تحفظًا في ظل تباطؤ هوامش الربحية وارتفاع التكاليف.

وذكرت «هيرميس» أن «راميدا» شركة جيدة الإدارة وتستفيد من تنويع منتجاتها، لكنها تتداول حاليًا عند مضاعف ربحية أعلى قليلًا من متوسط القطاع، ما يحد من فرص إعادة تقييمها في المدى القصير.

وحددت البحوث القيمة العادلة للسهم عند 6.5 جنيه مع توصية بالشراء، مشيرة إلى أن الشركة ما زالت تملك فرصًا للنمو في الأدوية المتخصصة والمنتجات الموجهة للتصدير.

تسويات حكومية ودعم للتمويل

أكدت «هيرميس» أن الحكومة اتخذت خلال العام الجاري خطوات حاسمة لمعالجة أزمة نقص الدواء، عبر إعطاء الأولوية لتدبير العملة الصعبة لاستيراد الخامات، وإطلاق حزمة تمويلية قيمتها 7 مليارات جنيه بفائدة مدعومة بين 5 و7% لمصانع الأدوية، مما ساهم في خفض نسبة النقص من 40% إلى أقل من 5% من إجمالي الأدوية المتداولة بالسوق.

وأوضحت أن هذه الإجراءات أعادت التوازن لمنظومة الإمداد وأتاحت للشركات استعادة الطاقة الإنتاجية، بعد فترات من التوقف المؤقت خلال 2024 بسبب أزمة الدولار وتعطل سلاسل التوريد في البحر الأحمر.

القيم العادلة وعوائد تفوق السوق 

ووفقًا لبحوث “هيرميس”، بلغ متوسط مضاعف الربحية المستقبلي لشركات القطاع نحو 7.2 مرة لعام 2026 مقابل 10.6 مرة في 2025، مع متوسط عائد على حقوق المساهمين يتجاوز 31%، وهو ما يضع القطاع في صدارة الفرص الاستثمارية المتوقعة بالبورصة المصرية خلال العام المقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى