بنوك وتمويل

انخفاض العائد وضعف البنية التحتية يقلصان فرص توسع البنوك في الريف

بين حسابات الأرباح والتكاليف، تفتقر القرى والمناطق الريفية إلى تواجد مكثف لأفرع البنوك وماكينات الصراف الآلي لصالح المدن.

ويضطر العملاء، إلى السفر لعواصم المراكز التابعين لها أو المدن المجاورة لإجراء العمليات البنكية، مما يفرض أسئلة ملحة حول مستقبل الخدمات البنكية في الريف. لكن ثمة بدائل أخرى منها الخدمات المالية التي تقدمها شركات الاتصالات.

وبحسب خبراء تحدثوا لـ”البورصة”، فإن انخفاض العائد وضعف البنية التحتية يقلصان فرص التوسع البنكي في القرى.

قال ماجد فهمي الخبير المصرفي، إن هناك تباينا واضحا بين البنوك العامة والخاصة فيما يتعلق بالتوسع الجغرافي وافتتاح فروع بالمناطق الريفية.

أضاف لـ”البورصة”، أن البنوك الحكومية تحرص على التواجد في الريف من خلال فروعها تطبيقًا لتوجه الدولة نحو الشمول المالي، مؤكدًا أن تلك البنوك تنوع أجندة أولوياتها لعدة عوامل بخلاف الربحية.

أما البنوك الخاصة، فتضع عامل الربحية في صدارة أولوياتها قبل التوسع الجغرافي.. لذا تقوم بدراسة تكلفة إنشاء الفرع والتجهيزات والعمالة، بجانب توقعات حجم الأعمال وقدرته على تغطية التكاليف وتحقيق عائد، ما يجعل قراراتها أبطأ نسبيًا.

وأكد فهمي ، أن هناك مناطق لا تزال مهملة مثل سيوة، والواحات، والوادي الجديد، رغم ما تحويه من أنشطة اقتصادية وحرفية تستدعي وجود فروع بنوك بشكل واسع.

وتوقع فهمي أن يطلق البنك المركزي مؤشر شمول مالي خاص بالقرى بشكل مستقل، بجانب المؤشر العام للجمهورية، ولكن النتائج قد تكون غير معلنة.

النعماني: الريف يفضل التعامل النقدي والدولة تعتمد على مكاتب “البريد”

وقال أحمد النعماني الخبير المصرفي، إن البنك المركزي يلعب دور الذراع الرئيسية لقيادة جهود الشمول المالي في مصر.

وتابع: ” رغم دور البنوك في دعم توجهات الدولة، يظل بعضها يُقيِّم قراراته وفقًا لمعادلة الأرباح والخسائر، ويحدد أولوياته بناءً على العائد المتوقع من التوسع في المناطق المختلفة”.

وذكر النعماني أن التوسع المصرفي في القرى يواجه عدة معوقات، أبرزها ضعف شبكات الاتصالات في القري، وانخفاض مستويات الوعي الثقافي والمالي، إلى جانب الاعتماد الكبير على التعاملات النقدية، وما يصاحبه من تخوف لدى بعض المواطنين من التعامل مع الخدمات المصرفية الحديثة.

اقرأ أيضا: بين الفرص والتحديات.. هل تتحول مبادرات الشمول المالي لعبء على البنوك؟

وأضاف النعماني أن الدولة تعتمد على مكاتب البريد المنتشرة في مختلف أنحاء الجمهورية لتغطية المناطق التي لا تتواجد بها فروع للبنوك.

وشدد على أن البنك المركزي يسير وفقًا للمؤشرات العالمية، والتي لا تفصل بين القرى والمدن، موضحًا أن الفصل بين الشريحتين في عملية القياس سيخلق فروقات قد تؤدي إلى مشكلات، لافتاً إلي أن إعداد مؤشر خاص بالقرى يتطلب جهودًا ضخمة لجمع بيانات دقيقة وموثوقة من تلك المناطق.

عبد العال: التوسع يتم بشكل تدريجي من خلال إعداد البنية الرقمية أولًا

وقال محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة البنك المصرى الخليجى، إن البنك المركزي يضع خطة استراتيجية لتوسيع نطاق الخدمات المصرفية، في إطار رؤية شاملة تستهدف إيصال الخدمات المالية لغير المشمولين بها في أقرب مكان وبأقل تكلفة ممكنة.

أضاف أن الاستراتيجية ترتكز على عدة محاور، أبرزها تطوير الخدمات المصرفية التقليدية، وتعزيز الخدمات الرقمية غير النقدية للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من العملاء.

وأكد عبدالعال، أن التوسع يتم بشكل تدريجي من خلال إعداد البنية الرقمية أولًا، ثم الانتقال إلى إنشاء فروع جديدة بالمناطق ذات الجدوى الاقتصادية العالية والكثافة السكانية الكبيرة.

وأرجع تضاؤل عدد الفروع في القرى والريف إلى عوامل عدة أبرزها ارتفاع التكلفة مقارنة بالعائد المتوقع، فضلًا عن ضعف الوعي المصرفي وانتشار الأمية.

وذكر عبد العال، أن هناك بنوكا متخصصة ذات حضور ريفي واسع مثل البنك الزراعي المصري، فضلًا عن انتشار فروع هيئة البريد المصرية التي تقدم خدمات مصرفية متكاملة، بما يسهم في سد فجوة نقص الخدمات ببعض المناطق النائية.

وشدد على أن الهدف لا يتمثل في التوسع العشوائي، وإنما في تحقيق توازن بين البنية المصرفية التقليدية في القرى وتطويرها ودمجها مع التطبيقات الرقمية والخدمات المصرفية عبر الهاتف، وذلك في إطار خطة الدولة لتعزيز الشمول المالي.

ويرى عبدالعال، أن إنشاء مؤشر منفصل للقرى قد يكون مطروحًا ضمن خطط البنك المركزي المستقبلية، لكنه ليس أمرًا ملحًا في الوقت الراهن، موضحًا أن الاستعجال في ذلك الآن قد يعرقل تحقيق التوازن المطلوب في دقة القياس، فضلًا عن انعكاسه على الحوكمة والشفافية.

الشافعي: الوصول إلى العملاء أسهل وأسرع عبر تطبيقات الهواتف المحمولة

وأوضحت مروة الشافعي الخبيرة المصرفية، أن مفهوم الشمول المالي لا يقتصر على البنوك فقط، بل يمتد ليشمل شركات الاتصالات عبر المحافظ الإلكترونية وخدمات الدفع الرقمي، والتي ينظمها قانون البنك المركزي المصري رقم 194 لسنة 2020 في فصله الرابع الخاص بالتكنولوجيا المالية.

وأضافت أن أرقام الشمول المالي في مصر تشهد نمواً ملحوظاً بفضل التوسع في حملات التوعية، إلى جانب الدور الكبير الذي يلعبه القطاع المالي غير المصرفي، مثل شركات التمويل العقاري، والإقراض الاستهلاكي ومتناهى الصغر، وخدمات الدفع الإلكتروني والسمسرة.

أشارت الشافعي، إلى أن البنك المركزي يحرص على تنظيم فعاليات متعددة لتعزيز هذا التوجه وزيادة نسب الانضمام للمنظومة المالية الرسمية.

وتابعت :” البنوك أصبحت تواجه صعوبة في التوسع عبر فتح فروع جديدة بسبب ارتفاع التكلفة، خاصة في ظل التوجه نحو البنوك الرقمية، إذ بات الوصول إلى العملاء يتم بشكل أسهل وأسرع من خلال تطبيقات الهواتف المحمولة”.

ولفتت إلى أن الحديث عن مؤشر منفصل للقرى يُعد خطوة مبكرة، لأن قطاعات كبيرة من المجتمع ما زالت في مرحلة التكيف مع الخدمات الإلكترونية، بينما يعتمد المؤشر الحالي على التوزيع وفق المحافظات والمناطق الجغرافية ومستوى التعليم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى