منصة مصر الصناعية الرقمية تحفز الطلب على الأراضى وسط تحديات التسعير

تشهد أسعار الأراضى الصناعية ارتفاعات متفاوتة فى عدد من المناطق، فى ظل زيادة تكاليف الترفيق وندرة الأراضى كاملة المرافق فى بعض المناطق.
وأسهم إطلاق منصة مصر الصناعية الرقمية، فى تحفيز حركة الطلب، خاصة من المستثمرين الجادين الباحثين عن أراضٍ موثقة البيانات وواضحة الإجراءات.
قالت مصادر لـ«البورصة»، إنَّ المنصة دعمت خفض الإجراءات الزمنية للتخصيص، وعززت الشفافية فى طرح الأراضى، على الرغم من أنها لم تقدم حلولاً مباشرة للتسعير وسط مطالب بطرح مساحات أكبر، خاصة للصناعات الثقيلة والمتوسطة.
وكانت آخر موجة لارتفاعات أسعار الأراضى الصناعية خلال أغسطس الماضى؛ إذ ارتفعت بنسب بين 10 و20%، فى عدد من المناطق الخاضعة لولاية هيئة التنمية الصناعية بنظامى التملك وحق الانتفاع.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، سجلت أراضى المنطقة الصناعية بمدينة العاشر من رمضان ارتفاعاً بنحو 79%، فيما بلغت الزيادة 150% فى أراضى المنيا الجديدة، و100% فى ملوى الجديدة، بينما وصلت إلى 250% فى منطقتى الكوثر وغرب طهطا بمحافظة سوهاج.
قال مصطفى عبدالحليم، رئيس منطقة البغدادى الصناعية بمحافظة الأقصر، إنَّ سعر متر الأرض الصناعية بالمنطقة ارتفع من 160 جنيهاً إلى 360 جنيهاً منذ 30 يونيو الماضى، ضمن تحريك أسعار الأراضى الخاضعة لهيئة التنمية الصناعية، بنظام التملك.
وأضاف لـ«البورصة»، أن الطرح يتم حالياً عبر منصة مصر الصناعية الرقمية، والتى أسهمت فى تسريع إجراءات التخصيص وتوفير بيانات دقيقة، لكنها لا تلبى دائماً احتياجات المستثمرين من حيث المساحات؛ إذ تقتصر أغلب الطروحات على قطع بمساحات 2500 متر، بينما يحتاج بعض المستثمرين إلى قطع أكبر تصل إلى 4000 أو 5000 متر، ما يدفع البعض للمنافسة على قطعة واحدة متاحة.
وأوضح “عبدالحليم”، أن التمليك يختلف عن نظام حق الانتفاع؛ إذ تطرح الأراضى بحق انتفاع مدة 50 عاماً، بسعر 5% من قيمة المتر سنوياً، مؤكداً أن المنطقة لا تتيح تأجيراً للأراضى، وإنما توجد وحدات صناعية جاهزة للتأجير ضمن المجمعات فقط.
أضاف أن الطرح الأخير فى البغدادى شمل 5 قطع، بينها قطعتان للنشاط الغذائى و3 لمواد البناء، فى ظل إقبال متزايد من المستثمرين؛ إذ شهدت بعض القطع تنافس 7 مستثمرين للحصول على قطعة واحدة، ما يعكس ارتفاع الطلب، خصوصاً بعد حل مشكلات المرافق، ومنها الكهرباء، بالتنسيق مع محافظة الأقصر ووزارة النقل.
وأشار إلى أن رفع أسعار الأراضى يجب أن يتم بشكل مدروس، خاصة فى محافظات الصعيد، مؤكداً أن الزيادة الحالية البالغة 200 جنيه للمتر جاءت وفقاً لنصيب الأرض من تكلفة الترفيق، وأن أى زيادات غير مبررة قد تؤثر سلباً على جاذبية المنطقة.
«المرشدى»: امتلاء المناطق الصناعية بالعبور يعيق خطط توسع المصانع القائمة
وقال محمد المرشدى، رئيس جمعية مستثمرى العبور، إنَّ منصة مصر الصناعية الرقمية لعبت دوراً إيجابياً فى تحفيز الطلب على الأراضى الصناعية، وأسهمت فى تحسين ثقة المستثمرين تجاه آلية الطرح والتخصيص، خاصة فى المناطق الأقل جذباً سابقاً مثل محافظات الصعيد.
وأضاف لـ«البورصة»، أن وجود منصة موحدة لعرض الأراضى الصناعية، متاح عليها البيانات الفنية والموقع الجغرافى وتفاصيل المرافق، جعل المستثمر أكثر اطمئناناً للطرح، وقلل من التردد الذى كان يواجهه البعض بسبب نقص المعلومات أو غياب الشفافية.
وأوضح «المرشدى»، أن العبور القديمة تعد من المناطق الصناعية المستقرة والممتلئة؛ إذ تضم بين 1100 و1200 مصنع، وقد تم حجز الأراضى الصناعية بها بالكامل، ولا تتوافر أى قطع جديدة للطرح أو التوسع.
وأشار إلى أن هناك بالفعل طلبات من مستثمرين قائمين يسعون للحصول على توسعات داخل المنطقة، وهو ما يعكس التحديات التى تواجه المستثمرين فى المناطق الصناعية المشغولة بالكامل، موضحاً أن سعر متر الأراضى بالمنطقة تخطى 1800 جنيه.
«الجبالى»: إلغاء التعاملات الورقية والتقديم المباشر يعززان مصداقية الطروحات
وقال محسن الجبالى، نائب رئيس جمعية مستثمرى بنى سويف، إنَّ إطلاق منصة مصر الصناعية الرقمية شكل نقطة تحول حقيقية فى ملف تخصيص الأراضى الصناعية؛ إذ ساعدت المنصة على تحسين الشفافية، وأسهمت فى ضبط آليات تسعير الأراضى ومنع أى محاولات للمتاجرة بها أو التلاعب فى أسعارها من قبل بعض السماسرة أو غير المختصين.
وأضاف لـ«البورصة»، أن المنصة باتت جهة رسمية وموثوقة أمام المستثمر؛ إذ توفر بيانات دقيقة ومتكاملة عن الأراضى المتاحة، وأسعارها، ونسب الترفيق، وشروط التخصيص، ما قلل الاعتماد على الوسطاء أو المعلومات غير الدقيقة التى كانت تربك المستثمرين فى الفترات السابقة.
وأشار «الجبالى»، إلى أن اقتصار التقديم على المنصة الرقمية فقط، وإلغاء التعاملات الورقية أو التقديم المباشر، عززا مصداقية الطروحات، وأسهما فى تقليص زمن الإجراءات، لكنه فى الوقت نفسه يتطلب من الجهات المسئولة أن تواكب هذا التطور من خلال سرعة البت فى الطلبات والإعلان عن النتائج فى فترات زمنية محددة.
وأكد أن آخر طروحات الأراضى الصناعية فى محافظة بنى سويف تمت بالفعل عبر المنصة، وجرى التقديم عليها إلكترونياً من جانب عدد من المستثمرين، سواء من داخل المحافظة أو خارجها، موضحاً أن سعر المتر ارتفع فى بنى سويف الجديدة إلى 2040 جنيهاً.
«رضا»: «العاشر» تلقت 65 طلباً استثمارياً منذ بداية العام الحالى
وقال أيمن رضا، الأمين العام لجمعية مستثمرى العاشر من رمضان، إنَّ الجمعية تلقت نحو 65 طلباً استثمارياً منذ بداية العام الحالى، وقامت بدورها فى توجيه المستثمرين للطلب عبر المنصة.
وأضاف أن الفترة الأخيرة شهدت تطوراً ملحوظاً على مستوى إجراءات التخصيص، خاصة بعد إطلاق منصة مصر الصناعية الرقمية، والتى ساعدت فى تحسين تنظيم الطلبات وتقليل الاعتماد على المسارات التقليدية، بالإضافة إلى الحد من العشوائية فى تسعير الأراضى ومنع التلاعب بها.
وأشار إلى أن عدداً من المستثمرين أنهوا الإجراءات المبدئية من خلال المنصة، لكنهم لا يزالون فى انتظار قرارات التخصيص النهائية من هيئة التنمية الصناعية، مشيراً إلى شكاوى من تحديات التسعير التى شهدت ارتفاعات غير مسبوقة؛ إذ يصل سعر المتر حالياً إلى 3000 جنيه للمتر.
«الشندويلى»: متر الأرض الصناعية فى الكوثر ارتفع إلى 1050 جنيهاً بعد أن كان بالمجان
وقال محمود الشندويلى، رئيس جمعية مستثمرى سوهاج، إن أسعار الأراضى الصناعية فى محافظة سوهاج، خاصة بمنطقة الكوثر، ارتفعت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، لتصل إلى 1050 جنيهاً للمتر، على الرغم من أن تلك الأراضى كانت تخصص بالمجان فى فترات سابقة ضمن خطط دعم الاستثمار الصناعى فى محافظات الصعيد.
وأضاف لـ«البورصة»، أن الأراضى الصناعية فى الصعيد فقدت ميزتها النسبية، سواء على مستوى التسعير أو الحوافز، ولم تعد هناك أى فروق بين الاستثمار فى المحافظات الحدودية والمدن الصناعية الكبرى مثل السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان، وهو ما يقلل من فرص جذب المستثمرين إلى تلك المناطق.
ولفت «الشندويلى»، إلى أن رفع أسعار الأراضى فى الصعيد دون وجود بنية تحتية متكاملة يمثل عائقاً أمام الاستثمار، مشيراً إلى أن المستثمرين أصبحوا يتحملون تكاليف مرتفعة لتوصيل المرافق، بالإضافة إلى فرض رسوم على المعاينات الخاصة بالمياه والصرف الصحى والكهرباء، فى وقت لا تتوفر فيه بعض الخدمات الأساسية مثل الغاز الطبيعى.
وأوضح أن طرح 290 قطعة أرض صناعية فى الصعيد، لقى إقبالاً من المستثمرين، لكن هذا لا يعكس بالضرورة نجاحاً كاملاً فى جذب الاستثمار، مشيراً إلى أن كثيراً من المستثمرين يتفاجأون بالتحديات الحقيقية عند التنفيذ، بداية من ضعف المرافق، مروراً ببطء الإجراءات، وانتهاء بعدم وضوح آليات الدعم.