تأثيرات متباينة لخفض الفائدة على الشركات المدرجة في البورصة

تباينت توقعات المحللين بشأن استفادة الشركة المدرجة في البورصة المصرية بقرار المركزي المصري قبل أيام بخفض الفائدة، وذكروا أن أثر القرار سيتفاوت على الأسهم، لكن السوق سيستفيد بشكل عام عبر استقباله سيولة جديدة تبحث عن تحقيق عوائد مرتفعة.
وخفض البنك المركزي المصري يوم 28 أغسطس الماضي أسعار الفائدة بواقع 2% ليكون ثالث تخفيض يشهدها السوق المصري العام الجاري منذ نحو 5 أعوام، ورصدت “البورصة” آراء المتعاملين وتأثير القرار على أداء سوق المال والأسهم المدرجة.
ورغم التوقعات الإيجابية لأداء البورصة، فإن التأثير سيكون متفاوتًا، ويعتمد على حجم الاستفادة من انخفاض تكلفة الاقتراض، في مقابل تراجع جاذبية أدوات الدخل الثابت.
EGX30 يستهدف مستوى تاريخي على المدى القصير
قال باسم أبوغنيمة، رئيس قسم التحليل الفني بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية EGX30 يشهد حركة تصحيحية حاليًا، ومن المتوقع أن تنتهى خلال الأسبوع الحالي، ليختبر مستوى 36 ألف نقطة مرة أخرى على المدى القصير.
وأشار إلى أن خفض أسعار الفائدة من شأنه أن يدعم خروج جزء من الاستثمارات من البنوك وتوجيهها نحو سوق الأسهم، رغم أن معدل الفائدة الحقيقي لايزال مرتفعًا، إلا أنه لا يُقارن بالمكاسب القوية التي تحققها الأسهم في الأشهر الأخيرة.
عبدالنبي: القروض المتغيرة تمنح الشركات ميزة مع تراجع “الكوريدور”
وأوضح أحمد عبدالنبي، رئيس قسم البحوث بشركة «مباشر»، أن استفادة الشركات من خفض أسعار الفائدة ترتبط بشكل مباشر ببنود اتفاقيات القروض التي تبرمها مع البنوك، والتي تحدد سعر الفائدة وشكلها سواء كانت ثابتة أو متغيرة، بالإضافة إلى مدى إمكانية إعادة جدولتها حال حدوث تغييرات في السياسة النقدية.
ذكر أن أغلب الشركات ذات المديونيات المرتفعة تكون قد أبرمت اتفاقيات تسمح بتعديل أسعار الفائدة في حالة تراجعها، وهو ما يجعلها من أكبر المستفيدين من قرارات خفض الفائدة الأخيرة.
وأشار عبدالنبي إلى أن الشركات أو الأفراد الذين احتفظوا بسيولة كبيرة في صورة ودائع مصرفية سيتضررون من تراجع العوائد على هذه الودائع بعد خفض الفائدة.
ووفقاً لمسح أجرته «البورصة»، جاءت شركة القلعة للاستثمارات في صدارة الشركات الأكثر اقتراضًا بنحو 112 مليار جنيه خلال العام الماضي، مقابل 81.5 مليار جنيه بنهاية 2023، وتلتها المصرية للاتصالات بإجمالي قروض وصلت إلى 81 مليار جنيه بنهاية النصف الماضي، مقارنة بنحو 80.7 مليار جنيه بنهاية 2024.
وتمثل خطوة خفض الفائدة من قبل “المركزي” أحد العوامل الداعمة لعدد من الشركات المدرجة في البورصة المصرية، خاصة تلك التي تعتمد على الاقتراض ضمن مصادر التمويل الرئيسية لتوسعاتها أو تغطية التزاماتها التشغيلية، فكل نقطة مئوية يتم خفضها من الفائدة تعني تراجعًا مباشرًا في تكلفة التمويل، مما يعزز هوامش الربحية ويدعم التدفقات النقدية الحرة، لاسيما في القطاعات كثيفة المديونية مثل العقارات والصناعة.
وإلى جانب الشركات المثقلة بالديون، يبرز قطاع العقارات كأحد أكبر المستفيدين من الخفض المحتمل، في ظل ارتباطه المباشر بحركة أسعار الفائدة التي تؤثر على قرارات الشراء والتمويل العقاري، كما من المتوقع أن تنشط شهية المستثمرين الأفراد نحو الأسهم في حال فقدت أدوات الدخل الثابت جاذبيتها نسبيًا، وهو ما ينعكس إيجابًا على قيم التداول والسيولة السوقية.
في المقابل، قد تستفيد أيضًا بعض الشركات الصناعية والتجارية التي تخطط لاقتراض تمويلي خلال الفترة المقبلة، إذ يشجع تراجع الفائدة على التوسع في الإنفاق الرأسمالي وزيادة الإنتاج.
مكاسب للقطاع الصناعي
حدد قسم البحوث بشركة أسطول لتداول الأوراق المالية 8 أسهم هي المستفيدة من تراجع الفائدة، وشملت: المصرية للاتصالات، السويدي للكابلات، جي بي كورب، أوراسكوم للتنمية، بالم هيلز، الكابلات الكهربائية، بالإضافة إلى كيما وطلعت مصطفى.
قال محمد عبدالحكيم، رئيس قطاع البحوث بالشركة، إن العديد من الشركات تأثرت بارتفاع أسعار الفائدة خلال الآونة الأخيرة في جميع القطاعات وخصوصاً قطاعات التطوير العقاري والصناعة، والاتصالات، نظراً للاعتماد بشكل كبير على الديون كمصدر للتمويل.
وأوضح أن المصرية للاتصالات من أكبر المقترضين في السوق بديون تبلغ نحو 82 مليار جنيه بين ديون بالعملة المحلية وبالعملات الأجنبية ولذلك تعد واحدة من الشركات المستفيدة من تخفيض الفائدة المرتقبة، ومن المتوقع أن تنخفض تكاليف الشركة التمويلية بقيمة 506 ملايين جنيه من تكاليف الفائدة الفعالة للشركة لكل 1% انخفاض في أسعار الفائدة.
عبدالحكيم: انخفاض تكلفة التمويل على الشركات ذات المديونية الكبيرة
كما أن شركة السويدي للكابلات تتحمل متوسط تكلفة تمويلية زيادة 0.36% أعلى سعر الكوريدور بالنسبة للديون بالعملة المحلية، فيما تقترب إجمالي ديون الشركة من العملة المحلية والعملات الأجنبية من قيمة 61.8 مليار جنيه، والتي من المتوقع أن تنخفض تكاليف الشركة التمويلية بنحو 293 مليون جنيه من تكاليف الفائدة الفعالة للشركة لكل 1% انخفاض في أسعار الفائدة.
وأوضح أن أوراسكوم للتنمية مصر تتحمل متوسط تكلفة تمويلية زيادة 1.25% فوق سعر الكوريدور بالنسبة للديون بالعملة المحلية، فيما تتخطي ديون العملة المحلية والعملات الأجنبية قيمة 11 مليار جنيه، متوقعا أن تنخفض تكاليف الشركة التمويلية بنحو 68 مليون جنيه من تكاليف الفائدة الفعالة للشركة لكل 1% انخفاض في أسعار الفائدة.
بينما تتحمل الكابلات الكهربائية متوسط تكلفة تمويلية تتراوح بين 10% إلى 2% فوق سعر الكوريدور بالنسبة للديون بالعملة المحلية، فيما تتخطي ديون الشركة 11 مليار جنيه، والتي من المتوقع أن تنخفض تكاليفها بحوالي 69 مليون جنيه من تكاليف الفائدة الفعالة للشركة لكل 1% انخفاض في أسعار الفائدة.
ومن ناحية أخرى، تتخطى ديون شركة كيما من العملة المحلية والعملات الأجنبية 11 مليار جنيه، والتي من المتوقع أن تنخفض تكاليف الشركة التمويلية بنحو 25 مليون جنيه من تكاليف الفائدة الفعالة للشركة لكل 1% انخفاض في أسعار الفائدة.
وفى القطاع العقاري، تتحمل مجموعة طلعت مصطفي متوسط تكلفة تمويلية زيادة 0.50% فوق سعر الكوريدور بالنسبة للديون بالعملة المحلية، فيما تتخطي ديون الشركة من العملة المحلية والعملات الأجنبية قيمة 11.7 مليار جنيه، والتي من المتوقع أن تنخفض تكاليف الشركة التمويلية بنحو 30 مليون جنيه من تكاليف الفائدة الفعالة للشركة لكل 1% انخفاضاً في أسعار الفائدة.
وتتخطى ديون شركة بالم هيلز من العملة المحلية والعملات الأجنبية قيمة 18.8 مليار جنيه، والتي من المتوقع أن تنخفض تكاليف الشركة التمويلية بواقع 61 مليون جنيه من تكاليف الفائدة الفعالة للشركة لكل 1% انخفاض في أسعار الفائدة.
المتأثرون سلبًا
على الجانب الآخر، هناك عدد من الشركات المدرجة في البورصة المصرية يُتوقع أن تتأثر سلبًا بخفض أسعار الفائدة، نظرًا لاعتمادها الكبير على استثمار السيولة المتوفرة لديها في أدوات الدخل الثابت، سواء في شكل ودائع بنكية أو أذون وسندات خزانة، وهو ما يمثل مصدر دخل ثابت يدعم أرباحها، ومع تراجع العوائد على تلك الأدوات، ستتأثر الإيرادات التمويلية لهذه الشركات بشكل مباشر.
ووفقًا لتقديرات بحثية، فإن شركة إعمار مصر للتنمية تأتي على رأس الشركات التي من المتوقع أن تتأثر ربحيتها من تراجع الفائدة، نظرًا لامتلاكها رصيد نقدي قوي يتجاوز 26 مليار جنيه بين ودائع وحسابات جارية بالعملتين المحلية والأجنبية، حيث يعني كل خفض بنسبة 1% في الفائدة تراجع محتمل قدره 285 مليون جنيه من العائد التمويلي.
وتعد شركة أبوقير للأسمدة من الشركات منخفضة المديونية، حيث تملك سيولة نقدية تتخطى 18 مليار جنيه، مما يجعلها عرضة لتراجع كبير في إيرادات الفوائد، يُقدر بنحو 186 مليون جنيه لكل 1% انخفاضًا في أسعار الفائدة.
كما يُتوقع أن تتأثر شركة مصر للألومنيوم، التي تقترب سيولتها النقدية من 6.8 مليارات جنيه مقابل رصيد ديون بسيط للغاية، ما يجعل أرباحها التمويلية عرضة للانكماش بنحو 46 مليون جنيه مع كل نقطة مئوية تُخصم من أسعار الفائدة.
هوامش ربحية القطاع المصرفي
توقع هيثم فهمي، خبير سوق المال، أن خفض الفائدة سيعود بالإيجاب على الشركات التي تعتمد في هيكل تمويلها على الاقتراض، لأنها مع تراجع الفائدة ستنخفض تكلفة الدين على الشركات، كما ستستفيد الشركات الصناعية، والتي سيمكنها تخفيض الفائدة من الاقتراض للتوسع وزيادة استثماراتها.
بينما أضاف فهمى، أن الشركات التى تعتمد فى مزيج تمويلها سلوكا متحفظا فلن تتأثر بتراجع الفائدة خاصةً وأنها لا تعتمد على الاقتراض، بل يكون توجهها الأكبر نحو الاعتماد على المساهمين.
وذكر أن القطاع البنكي سيتأثر بشكل ملحوظ مع تراجع معدلات الفائدة والتي ستقلل من هامش ربح البنك، على الرغم من أن تراجع الفائدة سيشجع على زيادة الاقتراض، إلا أن تراجع معدلات الودائع سيعود على الاقتراض بالانخفاض.
شفيع: أسعار الفائدة متغيرة على معظم عقود القروض
قال مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين، إن خفض أسعار الفائدة يعتبر أمرًا إيجابيًا بصفة عامة، خاصة لصالح الشركات ذات المديونية المرتفعة أو التي لديها خطط للاقتراض الجديد، إذ أن أي تمويل جديد سيتم على أسعار أقل مقارنة بالفترات السابقة.
وأوضح أن غالبية عقود الاقتراض الخاصة بالشركات تكون وفق نظام الفائدة المتغيرة أي مرتبطة بسعر “الكوريدور” مضافًا إليه هامش البنك، وهو ما يجعل هذه الشركات تستفيد مباشرة من أي خفض للفائدة، أما العقود التي تتم على فائدة ثابتة فهي نادرة، وغالبًا تقتصر على بعض الشركات الصغيرة، وبالتالي لا تستفيد من تغيرات أسعار الفائدة.
وأشار شفيع إلى أن الشركات المقيدة بالبورصة في معظمها تعمل بنظام الفائدة المتغيرة، وبالتالي تستفيد إيجابيًا من أي خفض في سعر “الكوريدور”، سواء على القروض القائمة بالفعل أو على أي اقتراض جديد.
وضرب مثلًا بشركة المصرية للاتصالات، وعليها مديونية بالجنيه المصري والدولار واليورو، فالقروض بالجنيه المصري مرتبطة بأسعار الفائدة المحلية، ومن ثم فإن خفض الفائدة ينعكس بشكل مباشر على بند المصروفات التمويلية في القوائم المالية، والعكس صحيح عند رفعها، أما القروض بالدولار فهي مرتبطة بمعدلات الفائدة الأمريكية، وهو ما يخرج عن نطاق تأثير قرارات البنك المركزي المصري.
وأكد أن الاستثناء الوحيد لعدم استفادة الشركات ذات المديونية العالية من خفض الفائدة يكون إذا كانت عقود الاقتراض قائمة على سعر فائدة ثابت، وهو ما يعد أمرًا محدود الحدوث، مشيراً إلى أن الطبيعي أن تكون الفائدة متغيرة، وبالتالي أي تغيير في الكوريدور ينعكس فورًا على الشركات.