مصر تدخل سباق “توطين الصناعات المغذية للسيارات”

تشهد الصناعات المغذية للسيارات في مصر انطلاقة غير مسبوقة، مدفوعةً بحزمة من الحوافز والتسهيلات الاستثمارية التي أعادت رسم خريطة القطاع.
وقد أسهم هذا الدعم في جذب استثمارات محلية وأجنبية، وفتح آفاق جديدة للتوسع في الإنتاج والتصدير، مما يضع مصر على الطريق نحو التحول إلى مركز صناعي إقليمي لصناعة مكونات السيارات، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي واتفاقياتها التجارية المتنوعة.
وشهد القطاع خلال الفترة القليلة الماضية دخول استثمارات كبيرة، وارتفاعًا ملحوظًا في معدلات التصدير، مدعومًا بتحديث استراتيجية الدولة لصناعة السيارات، والتوسع في إقامة مصانع جديدة، وتفعيل برامج الحوافز المرتبطة بنسبة المكوّن المحلي، ومصر في طريقها لتصبح مركزًا صناعيًا محوريًا لتوريد مكونات السيارات للأسواق الإقليمية والعالمية، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي، واتفاقياتها التجارية، ومواردها البشرية.
توفيق: الحوافز تحدد حسب القيمة المضافة حتى 5 آلاف جنيه للجزء الواحد
قال علي توفيق، رئيس رابطة الصناعات المغذية للسيارات، إن الحوافز التي تقدم للمصنعين تحدد بناء على نسبة القيمة المضافة التي يحققها كل مصنع، إذ تمنح حوافز تصل إلى 5 آلاف جنيه لكل جزء يتم إنتاجه محليًا.
وأشار توفيق إلى أن عددا من الشركات العاملة في مجال الصناعات المغذية تضع خططا لإنتاج مكونات متخصصة لدعم عملية تصنيع السيارات داخل مصر، إلى جانب تصنيع قطع غيار مخصصة لتلبية احتياجات السوق المحلي، وأخرى تستهدف التصدير إلى الأسواق الخارجية.
وأضاف أن هذه التوسعات تمثل خطوة محورية في تعزيز سلسلة القيمة لصناعة السيارات في مصر، إذ تسهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد، ورفع نسب الاكتفاء الذاتي، فضلًا عن تحسين القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق الإقليمية والدولية.
اقرأ أيضا: تراجع أسعار السيارات يرفع الطلب على التأمين الشامل
واشترط البرنامج الوطنى الجديد لصناعة السيارات، أن يكون الحد الأدنى لقبول الجزء المحلي هو تحقيق نسبة قيمة مضافة محلية 25%، من خلال عمليات تصنيعية فعلية أو مكونات محلية حقيقية، وليس عن طريق التجميع فقط.
وحال تجاوز نسبة 35% من المكون الصناعي المحلي، يحصل المصنع على حافز إضافي بقيمة 5000 جنيه عن كل زيادة بنسبة 1%، في المكون الصناعي المحلي المستهدف الفعلي لكل سيارة خلال فترة البرنامج (خارج الحد الأقصى للحوافز) على أن تكون الزيادة عبارة عن (مكون محلي فعلي- عمليات تصنيعية إضافية- منتج جديد).
زيتون: تعديلات استراتيجية صناعة السيارات تهيئ مناخًا استثماريًا أكثر جذبًا
وأكد منتصر زيتون، عضو شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن التعديلات الأخيرة على استراتيجية صناعة السيارات تمثل خطوة محورية نحو تعزيز التصنيع المحلي في مصر.
وأوضح أن تلك التعديلات تهيئ مناخًا استثماريًا أكثر جذبًا، من خلال تقديم حوافز ملموسة تُشجع المصنعين المحليين والدوليين على التوسع في الإنتاج داخل السوق المصري.
أشار زيتون، إلى أن الاستراتيجية المحدثة تتضمن ضوابط واضحة تهدف إلى دعم سلاسل الإمداد المحلية، وتشجيع تصنيع مكونات السيارات داخل مصر، وهو ما يسهم بشكل مباشر في خفض التكاليف التشغيلية وزيادة الاعتماد على الإنتاج الوطني، بدلاً من الاعتماد على الاستيراد من الخارج.
وأضاف أن توفير حوافز إنتاجية وتسهيلات تنظيمية من شأنه أن يعيد رسم خريطة صناعة السيارات في مصر، ويُعزز من تنافسية المنتجات المحلية في الأسواق الإقليمية والدولية.
أكد زيتون ، أن هذه الاستراتيجية تُعد ركيزة أساسية ضمن خطة الدولة لتوطين الصناعات الثقيلة، وخلق فرص عمل مستدامة، ودعم ميزان المدفوعات من خلال تقليل فاتورة الاستيراد وزيادة الصادرات، ما يسهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية الصناعية الشاملة.
عياد: مجموعة عياد للصلب تتوسع في تصنيع الشكمانات و الرادياتيرات
وقال ونيس عياد، رئيس مجلس إدارة مجموعة عياد للصلب، إن الشركة بدأت التوسع في تصنيع 5 منتجات رئيسية ضمن الصناعات المغذية لقطاع السيارات، وذلك فى إطار توجه الدولة لزيادة نسب المكون المحلى فى السيارات المُجمعة بالسوق المصرية.
وأضاف لـ «البورصة»، أن أبرز تلك المنتجات هي الشكمانات، و الرادياتيرات، وبعض المكونات المعدنية القائمة على الحديد والألومنيوم، وهى من القطاعات الحيوية التى تشهد طلبا متزايدا في ضوء التوسعات المرتقبة بمشروعات تجميع السيارات محليًا.
وأوضح عياد، أن اهتمام الدولة بتوطين صناعة السيارات، واشتراط تحقيق نسب مكوّن محلي تصل إلى 60% في بعض المشروعات، خلق فرصًا حقيقية أمام الشركات المحلية العاملة في مجال الصناعات المغذية، وهو ما شجع الشركة على توجيه استثماراتها خلال المرحلة الحالية لتلبية احتياجات المصانع العاملة بالسوق المصري
قال عياد، إن السوق المحلي يمثل الأولوية الرئيسية في الوقت الحالي، خاصة في ظل دخول أكثر من 6 إلى 7 علامات تجارية جديدة في مجال تصنيع السيارات بمصر خلال العامين المقبلين، ما يفتح الباب أمام الشركات المغذية لتوسيع طاقتها الإنتاجية.
وفيما يخص التصدير، أكد أن الشركة تضع التوسع في الأسواق الخارجية ضمن أهدافها متوسطة المدى، من خلال المشاركة في البعثات التجارية والمعارض الدولية التي ينظمها المجلس التصديري للصناعات الهندسية، بهدف فتح قنوات تصديرية جديدة خاصة لمنتجات مثل الراديتر والشكمان، التي تحظى بطلب عالمي متزايد في أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا.
ولفت إلى أن صادرات الصناعات المغذية للسيارات من مصر شهدت نمواً ملحوظاً خلال العامين الماضيين، مدفوعة بزيادة تنافسية المنتج المحلي، والتحول العالمي نحو التصنيع في دول منخفضة التكلفة، مما يفتح الباب أمام الشركات المصرية للدخول إلى سلاسل التوريد العالمية.
الخناجري: “المصرية” تضخ 3 مليارات جنيه لزيادة خطوط إنتاج الضفائر الكهربائية
وقال رأفت الخناجري رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للصناعات المغذية للسيارات، إن شركته خصصت استثمارات بقيمة 3 مليارات جنيه يتم ضخها على مدار ثلاث سنوات، بدءًا من العام الحالي وحتى عام 2027.
أوضح أن هذه الاستثمارات تستهدف توسيع نطاق إنتاج مكونات السيارات، لتشمل خطوط إنتاج جديدة لمكونات متنوعة، من بينها الضفائر الكهربائية، والشكمانات، والمحاور، بالإضافة إلى الأجزاء البلاستيكية والمكونات المعدنية المصنوعة من الصاج.
وأكد الخناجري، أن هذه الخطوة تأتي في إطار خطة الشركة لدعم استراتيجية الدولة لتعميق التصنيع المحلي وزيادة نسبة المكون المحلي في صناعة السيارات، بما يسهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد، وتعزيز القدرة التنافسية للصناعات المصرية في الأسواق الإقليمية والدولية.
وأضاف أن التوسعات الجديدة ستسهم في توفير مئات من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، إلى جانب نقل وتوطين أحدث التقنيات داخل القطاع، مما يعزز من قدرته على مجاراة التطورات العالمية في صناعة مكونات السيارات.
الصياد: 24% نمواً فى صادرات المكونات بدعم من دخول شركات أجنبية
من جانبه، قال شريف الصياد، رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، رئيس مجلس إدارة شركة “تريدكو” للصناعات المغذية، إن صادرات مكونات السيارات سجلت نمواً بنسبة 24% خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2025، لتتصدر قائمة القطاعات الهندسية الأعلى تصديرا، وذلك بدعم من عدة عوامل رئيسية فى مقدمتها دخول شركات أجنبية جديدة إلى السوق المصرية، وارتفاع الوعى التصديري لدى المصنعين المحليين.
أضاف لـ«البورصة»، أن النمو الملحوظ فى صادرات مكونات السيارات يرجع إلى إدراك عدد متزايد من الشركات لأهمية التوسع فى التصدير كمصدر رئيس للنقد الأجنبي، لا سيما فى ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.
وأوضح الصياد، أن عددا من الشركات الأجنبية استثمرت فى قطاع السيارات خلال العامين الماضيين، وهو ما انعكس على أداء الصادرات بشكل واضح، مشيرا إلى أن القطاع يشهد اهتماما متزايدا من المستثمرين للاستفادة من المزايا التنافسية، وعلى رأسها انخفاض الرسوم الجمركية على المنتجات المصرية فى عدة أسواق.
ولفت إلى أن المجلس يستهدف تحقيق معدل نمو سنوي في الصادرات يتراوح بين 20% و30%، متوقعا أن تصل صادرات قطاع الصناعات الهندسية إلى نحو 7 مليارات دولار بنهاية العام الحالي، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ هذا القطاع، ويعكس الطفرة التي يشهدها على صعيد الإنتاج والتصدير، خاصة في ظل توسّع المصانع المحلية، وزيادة الطلب الخارجي على المنتجات المصرية.
أكد الصياد، أن المجلس رصد اهتماماً متزايداً من شركات صينية وأجنبية أخرى بالاستثمار فى السوق المصرية، خصوصاً فى ظل توقيع اتفاقيات تجارية تمنح الصادرات المصرية ميزة تنافسية فى عدد من الأسواق الدولية، وعلى رأسها السوق الأمريكية، التى شهدت تخفيضاً فى الجمارك على الواردات من مصر، مقارنةً بدول أخرى.
ولفت إلى أن دولاً مثل المملكة المتحدة وتركيا تصدرتا قائمة الأسواق الأوروبية المستوردة لمكونات السيارات المصرية، فى حين جاءت الإمارات والعراق فى مقدمة الدول العربية المستهدفة، إبالإضافة إلى كينيا ونيجيريا فى أفريقيا، والولايات المتحدة الأمريكية التى دخلت قائمة الأسواق التصديرية مؤخراً.
وأكد الصياد أن توجه الشركات للاستثمار فى السوق المصرية يعود كذلك إلى الاستفادة من برنامج المساندة التصديرية، مشيراً إلى أن الحكومة أطلقت برنامجاً جديداً منذ يوليو الماضى، يستهدف تسريع وتيرة صرف مستحقات الشركات، وهو ما من شأنه تحفيز الصادرات خلال الفترة المقبلة.
سعد: دخول الشركات الصينية يعزز قدرات التصنيع المحلي
وأوضح خالد سعد، أمين عام رابطة مصنعي السيارات، ورئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب لشركة “جنباي رويال” في مصر، أن عدداً من الشركات الصينية بدأت توسيع استثماراتها داخل السوق المصري، ولا سيما في مجال تصنيع مكونات السيارات، لما تتمتع به مصر من مقومات تؤهلها لتكون قاعدة صناعية واعدة، وبوابة استراتيجية للتصدير إلى الأسواق الإفريقية والعربية.
أشار سعد إلى أن البيئة الاستثمارية في مصر أصبحت أكثر جذبًا خلال الفترة الأخيرة، مدفوعة بالحوافز الحكومية والتسهيلات المقدمة، إلى جانب الدعم المستمر لتوطين الصناعات المغذية لقطاع السيارات.
وأضاف أن دخول الاستثمارات الصينية إلى قطاع مكونات السيارات في مصر من شأنه أن يعزز من قدرات التصنيع المحلي، وينعكس إيجابًا على خلق فرص العمل وزيادة نسب المكوّن المحلي في السيارات المجمّعة، مما يسهم في تقليل الفاتورة الاستيرادية وتحقيق طفرة في الصادرات الصناعية خلال السنوات المقبلة.
وقد وافقت الحكومة خلال شهر أغسطس الماضي على إقامة مصنع جديد لشركة بيراميدز لتشكيل المعادن لإنتاج ألواح الصاج المستخدمة في صناعة السيارات والأجهزة المنزلية، وذلك على مساحة 20 ألف متر مربع.
تبلغ الطاقة الإنتاجية للمصنع مليون متر مربع ألواح صاج بانل و500 ألف طن صاج ملون ومشرح سنوياً وتصل نسبة المكون المحلي إلى 35%، ويصدر المصنع 10% من إنتاجه للخارج، ويوفر 300 فرصة عامل.
وخلال شهر يوليو الماضى، افتتحت مجموعة “المنصور للسيارات” مصنعًا جديدًا لإنتاج فلاتر المركبات بمدينة العاشر من رمضان، باستثمارات تصل إلى 10 ملايين دولار، وبطاقة إنتاجية تبلغ 10 ملايين فلتر سنويًا.