أسواق

متى تتحول مصر إلى الوجهة المفضلة للسائح الصيني في المنطقة؟

رغم ما تمتلكه مصر من مقومات سياحية فريدة ومكانة تاريخية وثقافية تؤهلها لتكون من أبرز الوجهات العالمية، فإنها مازالت تسعى لحجز موطئ قدم ثابت في السوق السياحي الصيني، الذي يُعتبر من أكبر أسواق تصدير السائحين في العالم.

ورغم النمو الملحوظ في أعداد الزوار الصينيين خلال العامين الماضيين، لايزال نصيب مصر من هذا السوق دون التوقعات والطموحات، ما يفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول أسباب هذا التباطؤ، والإجراءات اللازمة للاستفادة من الفرص الواعدة التي قد تُحدث نقلة نوعية في القطاع.

وتتطلع مصر إلى تحقيق 30 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2028 من خلال استقطاب 30 مليون زائر، من بينهم 3 ملايين سائح صيني.

ووفقًا للسفارة الصينية بالقاهرة، لم يتجاوز عدد السائحين الصينيين نحو 300 ألف سائح في 2024، بزيادة بلغت 63%، مقارنة بعام 2023.

وكشف موقع Trip، وهو أكبر وكالة سفر إلكترونية في الصين، أن الوجهات الخمس الأبرز التي اختارها المسافرون الصينيون خلال عام 2024 كانت تايلاند، اليابان، كوريا الجنوبية، سنغافورة، وماليزيا.

من ناحية أخرى، تتصدر الإمارات العربية المتحدة قائمة الوجهات المهمة للمسافرين الصينيين، ويعود ذلك إلى الإعفاء من التأشيرة، وتوفر رحلات جوية قوية ومتنوعة تشكل ميزة تنافسية للدولة، وفقًا للموقع ذاته.

سعد: رقابة صارمة على الفنادق وضبط الأسعار مفتاح جذب السائح الصيني

قال سامح سعد، مستشار وزير السياحة الأسبق، إن السياحة الصينية تُعد من أنماط السياحة الثقافية، ما يجعلها لا تحقق أعدادًا ضخمة مثل سياحة الشواطئ التي تجذب أعدادًا أكبر من الزوار.

وأضاف لـ”البورصة”، أن الأزمة التي تقابل زيادة نسبة السياحة الصينية في مصر هي أن المقصد السياحي المصري يُروَّج له باعتباره مقصدًا زهيد السعر، بسبب استراتيجية حرق الأسعار التي تتبعها بعض الشركات، ما يقلل من جودة الخدمات التي تُقدم للسائح.

وتابع أن ضعف الرحلات الجوية المباشرة بين مصر والصين تمثل عائقًا رئيسيًا أمام زيادة أعداد السائحين الصينيين، مشيرًا إلى أن هذا النقص قد لا يشجع على ضخ استثمارات صينية في القطاع، إذ تعتبر وسائل الانتقال بين البلدين غير كافية لزيادة حركة السياحة.

وأشار إلى أن السائح الصيني يُعد من الفئات واسعة الإنفاق، لافتًا إلى أن تعظيم استفادة السوق المصري من هذه الشريحة يتطلب اتخاذ إجراءات محددة، منها فرض رقابة صارمة على الفنادق، ووضع معايير واضحة لتفادي حرق الأسعار وضمان جودة الخدمات، وزيادة رحلات الطيران المباشر من مختلف المدن الصينية إلى مصر.

بالإضافة إلى التزام الدولة بإجراءات تضمن تسعيرًا موحدًا للخدمات والمنتجات السياحية، وإلزام الشركات السياحية بسداد الضرائب المستحقة، ما سيؤدي إلى بيع الخدمات للسائحين بقيمتها الحقيقية، وبالتالي ارتفاع مستوى السائح الوافد إلى مصر.

صعدت أعداد السياح الوافدين من مختلف الجنسيات إلى مصر خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري بنسبة 22%، وسط توقعات إيجابية باستمرار النمو خلال الأشهر المقبلة، وفق ما أعلنته وزارة السياحة والآثار خلال الأسابيع الماضية.

إبراهيم: زيادة الرحلات تضع مصر على خريطة السياحة الصينية العالمية

قال مصطفى إبراهيم، نائب رئيس مجلس الأعمال المصري الصينى ، إن الصين من أكبر الدول المصدرة للسائحين في العالم، إذ تُصدّر ما يقارب 125 مليون سائح.

وعلى الرغم من هذا الرقم الضخم، فإن نصيب مصر من السياحة الصينية مازال محدودًا ولا يعكس الإمكانيات السياحية والثقافية التي تمتلكها مصر.

وأضاف لـ”البورصة”، أن هناك ممثلين عن الجانب الصيني وعدوا بزيادة الرحلات لمصر كوجهة سياحية بسبب الأمان والتطور اللذين تشهدهما البلاد في الفترة الحالية، معربًا عن أمله في أن تشهد الفترة المقبلة تحسنًا في أعداد السائحين القادمين من الصين.

ولفت إلى أن السائح الصيني بطبيعته مهتم بالحضارة والتاريخ والأجواء المميزة، وهي عناصر متوفرة في مصر، لكن ما يعيق تدفق أعداد كبيرة هو طول مدة رحلات الطيران وقلة عددها، ومع ذلك، فإن تواجد أربع شركات طيران تربط الصين بمصر، يُعد إنجازًا يمكن البناء عليه.

كما أوضح أنه من المهم العمل على تهيئة بيئة أكثر جاذبية للسائح الصيني، من خلال زيادة عدد المطاعم التي تقدم الطعام الصيني، وتوفير مرشدين سياحيين يجيدون اللغة الصينية، إلى جانب تدريب العاملين في الفنادق على التعامل مع السياح وفهم احتياجاتهم الخاصة.

وعن الأعداد، كشف أن هناك بالفعل نموًا في السياحة الصينية إلى مصر مقارنة بالعام الماضي، وإن كان محدودًا، فالأعداد صلت خلال النصف الأول من العام الجارى 180 ألف سائح.

أما فيما يتعلق بالاستثمارات الصينية في قطاع السياحة في مصر، فأكد أن هناك خطوات جادة بدأت بالفعل، إذ يبحث المستثمرون الصينيون عن أراضٍ لإقامة منشأة سياحية متكاملة تحمل الطابع الصيني، ويرونها فكرة قابلة للتنفيذ، ويعتقد أنه من الممكن خلال فترة قصيرة أن تتحقق هذه الفكرة.

وتعمل وزارة السياحة على استثمار ما تتمتع به مصر من مقومات سياحية استثنائية تؤهلها لتصبح الوجهة الأولى عالمياً من حيث تنوع الأنماط السياحية، بدءاً من السياحة الثقافية والتاريخية، مروراً بالسياحة الشاطئية والترفيهية، وصولاً إلى السياحة العلاجية وسياحة المغامرات، وفق لتصريحات شريف فتحي وزير السياحة.

وشدد الوزير على أهمية التعاون مع منظمي الرحلات العالمية واستمرار الحملات الترويجية للمنتجات السياحية القائمة بالتوازي مع الترويج لمنتجات جديدة تستهدف شرائح مختلفة من السائحين.

عجمي: إقبال صيني كامل على الأقصر وسط برامج سياحية متكاملة

قال ثروت عجمي، رئيس غرفة شركات السياحة بالأقصر، إن عدد السياح الصينيين الذين زاروا مصر خلال العام الماضي ضعيف، موضحًا أن نسبة إقبالهم على زيارة الأقصر تصل إلى 100%، كما تتراوح مدة إقامتهم في الأقصر من ليلتين إلى ثلاث ليالٍ، أما بالنسبة لبرنامج السياحة الصينية في مصر، فأغلبه يشمل القاهرة والأقصر وأسوان، ويختتم بمدينة الغردقة.

أضاف لـ”البورصة”، أن الغرفة تساعد وزارة السياحة في خطتها لزيادة عدد السائحين الصينيين في مصر، مضيفًا أنها تقوم بتسهيل تنفيذ البرامج لشركات السياحة، إلى جانب تشجيع هذه الشركات في المؤتمرات والمعارض السياحية، لتنشيط السياحة في مصر والترويج لها في الأسواق الخارجية.

ولفت إلى أن مصر تُعتبر بالنسبة للسياح الصينيين وجهة متوسطة الأسعار مقارنة بغيرها من المقاصد، مشيرًا إلى أن السائحين الأمريكيين والأوروبيين هم الأكثر زيارة للأقصر.

عبدالعظيم: التوترات الإقليمية تعيق زحف السياح الصينيين إلى مصر

قال عماري عبدالعظيم، رئيس شعبة السياحة والطيران بالغرف التجارية سابقًا، إن تراجع معدلات نمو السياح الصينيين بمصر لا يعني ضعف السوق، بل يعود للتوترات الإقليمية التي يشهدها الشرق الأوسط، ما خلق حالة من القلق لدى السائح الصيني.

وأضاف لـ”البورصة”، أن السياحة الصينية في مصر سجلت تقدمًا ملموسًا خلال العام الجاري، مدعومة ببنية تحتية قوية وبدء استثمارات صينية في القطاع الفندقي لزيادة الطاقة الاستيعابية.

كما أكد أن مصر تُعد أرخص المقاصد السياحية بعد تعويم الجنيه، ما يمنحها ميزة تنافسية، مشيرًا إلى أن السوق الصيني من الأسواق الواعدة القادرة على تحقيق طفرة في حال استغلالها بشكل صحيح.

وعن العقبات، أوضح عبدالعظيم أن نظام التأشيرة الإلكترونية الحالي يحتاج إلى مراجعة، مؤكدًا على ضرورة ربط إصدار التأشيرات السياحية بشركات السياحة مباشرة مثل دبي، ما يتيح للشركات الترويج بشكل أكبر وجذب المزيد من السياح.

كما أشار إلى أن قلة عدد البروتوكولات السياحية بين مصر والصين يمثل تحديًا آخر، إذ إن البروتوكولات الحالية تقتصر على الجوانب التجارية، موصيًا بضرورة إنشاء بورصة سياحية في مصر مثل بورصات برلين ودبي، لتكون منصة تجمع شركات السياحة العالمية، وتفتح الباب أمام شراكات تسهم في جذب المزيد من السياح.

قال محمد كارم، الخبير السياحي ورئيس اللجنة العليا للسياحة بحزب الحركة الوطنية، إن السياحة الصينية تشهد نموًا ملحوظًا في مصر، نظرًا للتبادل السياسي والاقتصادي بين البلدين، مشيرًا إلى أن موسم الشتاء يُعد الأكثر جذبًا للصينيين لإقبالهم على السياحة الثقافية في الأقصر وأسوان.

وأضاف لـ”البورصة”، أن السفارة الصينية بالقاهرة نظمت في الفترة الأخيرة فعاليات لتعزيز التبادل السياحي بين البلدين، لافتًا إلى وجود أفواج صينية كبيرة في منطقة الأهرامات.

وأوضح أن تقييم التكلفة للسائح الصيني بمصر يختلف من ولاية لأخرى؛ فالقادمون من بكين وشنغهاي يعتبرون مصر وجهة متوسطة الإنفاق، على عكس القادمين من ولايات زراعية أو صناعية يعتبرونها مرتفعة نسبيًا بحكم انخفاض دخولهم، حسب قوله.

وأشار إلى أن المقصد المصري يظل واحدًا من أبرز الوجهات السياحية على أجندة السائح الصيني، متوقعًا استمرار الازدهار، سواء عبر السياحة الوافدة أو من خلال السياحة المقيمة.

كما شدد كارم على ضرورة معالجة عدد من التحديات، في مقدمتها زيادة عدد رحلات الطيران المباشرة إلى الصين، وفهم الثقافة الصينية، مؤكدًا أن السائح الصيني يفضل شراء منتجات مصرية أصلية في البازارات، وليست منتجات صُنعت في بلده، كما أن معظمهم يعتمد نظامًا غذائيًا نباتيًا، ما يدفعهم لجلب طعامهم معهم، وهو ما يتطلب من القطاع السياحي توفير خدمات تناسب احتياجاتهم.

فاديس: قلة المرشدين الناطقين بالصينية أبرز التحديات في السوق

قالت كريستيانا فاديس، مديرة التعاقدات بشركة مينا تورز للسياحة، إن عدد السياح الصينيين الوافدين إلى مصر شهد نموًا مقارنة بالعام الماضي، مشيرة إلى أن الحجوزات الفردية أكثر من الأفواج السياحية.

وأضافت لـ”البورصة”، أن السياح الصينيين يفضلون القاهرة في مقدمة وجهاتهم، بمزاراتها المختلفة مثل الأهرامات والمتحف الكبير، ثم الأقصر وأسوان، تليها الغردقة، بينما يزور بعضهم الإسكندرية، وتحديدًا قلعة قايتباي ومكتبة الإسكندرية وكوم الشقافة. وفي فصل الشتاء، يفضلون التوجه إلى الفيوم.

ولفتت إلى أن مدة إقامة السياح الصينيين تتراوح بين 4 و10 أيام، نظرًا لبُعد المسافة، وغالبًا ما يربطون رحلتهم إلى مصر بزيارة وجهات أخرى مثل الإمارات أو المغرب أو دول أوروبية، موضحة أن أغلب السياح الصينيين يأتون عبر تعاقدات مع شركات سياحية صينية، ما يعزز فرص زيادة الحركة الوافدة خلال الفترة المقبلة.

وأشارت إلى أن تجربة الطعام المصري أصبحت أكثر جذبًا للسياح الصينيين خلال السنوات الأخيرة، إذ يفضلون أطباقًا محلية مثل الكشري، بعدما كان أغلبهم يميل سابقًا إلى تناول الطعام الصيني فقط.

وأوضحت أن أبرز التحديات التي تواجه القطاع تتمثل في قلة أعداد المرشدين السياحيين الناطقين باللغة الصينية، ما يسبب صعوبات عند استقبال مجموعات كبيرة، مشيرة إلى أن خفض أسعار تذاكر الطيران سيكون من أهم العوامل لجذبهم، خاصة أن مصر تُعد وجهة منخفضة التكلفة بالنسبة لهم لقوة عملتهم مقارنة بالجنيه المصري.

مدبولي: الشتاء هو موسم الصينيين المفضل لاكتشاف مصر الثقافية

قال عبدالرحمن مدبولي، المرشد السياحي، إن أكثر الأماكن جذبًا للسياح الصينيين في مصر تتمثل في القاهرة، حيث المتحف المصري، ثم الأقصر وأسوان مثل معبد أبوسمبل، إضافة إلى الغردقة والإسكندرية، إذ يعتبرون مصر وجهة سياحية منخفضة التكلفة مقارنة بدول أخرى، موضحًا أن غالبية الصينيين يفضلون الأكل الصيني على المصري.

وأضاف لـ”البورصة”، أن السائح الصيني غالبًا ما يسافر ضمن فوج عائلي أو جماعي، إذ تكون الرحلات الفردية مرتفعة الثمن، مشيرًا إلى أن مدة الإقامة تتراوح بين 6 و9 أيام.

ولفت إلى أن العقبات لا تُعد جوهرية، وإنما ترتبط باختلاف الثقافات، مثل تفاوت الأسعار في المحلات.

وأشار إلى أن موسم 2022 شهد إقبالًا من السوق الصيني، بينما تراجع في موسمي 2023 و2024، معربًا عن أمله في تحسن الموسم المقبل، إذ إن السياحة الصينية ذات طابع موسمي تتركز بين شهري أكتوبر وفبراير، حيث يستغل الصينيون إجازاتهم خلال تلك الفترة، بينما يقل حضورهم في الصيف، على عكس سياحة الجنسيات الأخرى مثل الإسبان التي تستمر على مدار العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى