مبكرًا.. مخاوف الركود تسيطر على توقعات القطاع العقاري 2026

توقع خبراء ومتعاملون بالقطاع العقاري أن يشهد السوق دخول مرحلة تباطؤ وركود نسبي خلال العام المقبل 2026.
وأرجع الخبراء والمتعاملون، في حديثهم لـ”البورصة”، توقعاتهم إلى القفزات السعرية الكبيرة التي شهدها السوق خلال العامين الماضيين، وارتفاع تكاليف البناء والخامات، إلى جانب مستويات الفائدة المرتفعة التي حدّت من القدرة الشرائية للمواطنين وأثّرت على قرارات الشراء والاستثمار.
أضافوا، أن هذه المرحلة تمثل دورة تصحيح طبيعية بعد موجة الارتفاعات غير المسبوقة في الأسعار، إذ من المتوقع أن تستمر حالة هدوء المبيعات مدة عامين إلى ثلاثة أعوام، ثم يعود السوق إلى وتيرته الطبيعية.
وقد يدفع الركود ، بعض الشركات الصغيرة إلى الخروج من السوق، فيما ستتمكن الكيانات الكبرى ذات الملاءة المالية من الاستمرار عبر تبني استراتيجيات تمويل مرنة وتطوير منتجات تتناسب مع تغيرات السوق.
قال المهندس طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، إن القطاع العقاري يمر حاليًا بمرحلة “هدوء مؤقت” عقب موجة النشاط الكبيرة والمبيعات القياسية التي سجلتها الشركات خلال عام 2024.
وأوضح أن السوق العقاري يتميز بطبيعة ديناميكية متغيرة تمر بدورات من النمو وأخرى من التباطؤ، مشيرًا إلى أن التراجع الحالي في المبيعات يعد أمرًا طبيعيًا بعد الطفرة التي شهدها السوق العام الماضي.
أضاف شكري، أن السوق يشهد حالة من التريث من جانب العملاء في اتخاذ قرارات الشراء، في ظل تزايد حجم المعروض من المشروعات والوحدات السكنية، مؤكدًا أن القطاع لا يزال متوازنًا ومحسوبًا بعيدًا عن أي تضخم غير واقعي في الأسعار.
وأكد رئيس غرفة التطوير العقاري، أن الربحية في السوق المصري تعتمد على هوامش عادلة تضمن استقراره واستدامته، وليس على نسب أرباح مبالغ فيها تتجاوز 30% كما يروّج البعض، مشددًا على أن السوق بعيد تمامًا عن أي مؤشرات لفقاعات سعرية.
ولفت شكري، إلى أن المبيعات الضخمة التي حققها القطاع خلال عام 2024 جاءت نتيجة ظروف استثنائية، أبرزها ارتفاع سعر الدولار خلال فترات سابقة عند 70 جنيهًا قبل أن يعاود الهبوط، وهو ما دفع المواطنين إلى الاتجاه نحو العقار كملاذ آمن للحفاظ على مدخراتهم.
وأضاف: “لا يمكن أن نقارن السوق فى عام استثنائي بعام آخر، وإنما نقيس على متوسط عدة سنوات. وإذا استبعدنا 2024، سنجد أن معدلات المبيعات خلال 2020 وحتى 2023 متقاربة، وفي 2025 عادت لمستويات متوازنة تشبه هذه المعدلات بل تزيد قليلًا.”
وأشار إلى أن القطاع العقاري بطبيعته استثمار طويل الأجل، وليس مجالًا للمضاربة السريعة، موضحًا أن المستثمر الحقيقي هو من يدخل في مشروعات تتراوح فترة استثماره بين 3 و5 سنوات أو أكثر، وليس من يسعى لتحقيق مكاسب آنية خلال عام أو عامين.
وتابع:” السوق المصري يمتاز بوجود طلب حقيقي مدفوع بنمو سكاني يتجاوز 110 ملايين نسمة و900 ألف زيجة سنوياً .. والطلب حقيقي وليس شكلي.. لكنه يواجه تحدياً يتمثل في ارتفاع قيمة الأقساط على المشتري ”
سعد الدين: الركود المتوقع سيؤثر بشكل مباشر على الشركات الصغيرة
وقال المستشار أسامة سعد الدين، المدير التنفيذي لغرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، إن القطاع العقاري، شأنه شأن باقى القطاعات الاقتصادية، يواجه خلال الفترة الحالية عدداً من التحديات التى قد تؤدى إلى تباطؤ وهدوء نسبي فى المبيعات خلال العام المقبل.
وأوضح أن المطورين سيعملون على ابتكار أساليب جديدة لتنشيط السوق، من بينها مد فترات السداد وطرح منتجات عقارية كاملة التشطيب أو نصف تشطيب، بهدف جذب شرائح جديدة من العملاء وتحفيز قرارات الشراء.
أكد سعد الدين، أن المطور العقاري لن يتنازل عن هامش ربحه الذى يتراوح بين 10 و15% تقريباً، لكنه فى الوقت نفسه سيضطر إلى تقديم تسهيلات إضافية للتغلب على حالة الركود المتوقع أن تستمر لفترة طويلة نسبياً.
وأضاف المدير التنفيذى لغرفة التطوير العقارى، أن عدداً من الشركات الصغيرة اضطر إلى التخارج من السوق بسبب ضعف قدراتها المالية وتراجع معدلات البيع، وهو ما انعكس سلباً على استمراريتها.
وتوقع سعد الدين أن تشهد أسعار العقارات ارتفاعاً طبيعياً خلال الفترة المقبلة يتراوح بين 10 و20%، مع احتمالية زيادة النسبة حال ارتفاع أسعار مواد البناء ومدخلات الإنتاج.
ولفت إلى أن الركود المتوقع سيؤثر بشكل مباشر على شريحة الشركات العقارية الصغيرة التى لا تمتلك ملاءة مالية كافية لتجاوز الأزمات المتكررة، مشيراً إلى أن ذلك قد ينعكس أيضاً على قرارات المستثمرين الأجانب الذين قد يترددون فى ضخ استثمارات جديدة بالقطاع فى ظل حالة عدم اليقين بالسوق.
كان تقرير حديث كشف عن ارتفاع القيمة الإيجارية في عدد من المناطق في مصر بما يتجاوز نحو 25%، مرجحاً أن يشهد قطاع الضيافة زيادة حادة في متوسط أسعار الغرف اليومية بنسبة 14.9% حتى شهر يونيو مقارنة بالعام الماضي ونمو سنوي في إيرادات الغرف المتاحة بنسبة 20.1%.
وقالت شركة الاستشارات والاستثمارات العقارية “جيه إل إل”، إن إيجارات الوحدات السكنية ترتفع في مدينة 6 أكتوبر بنسبة 25.5%، مع ارتفاع أسعار الوحدات السكنية بنسبة 18%. فيما سجلت القيمة الإيجارية في القاهرة الجديدة زيادة بنسبة 17.7%، كما ارتفعت أسعار بيع الوحدات السكنية بنسبة 15.9% مقارنة بالعام الماضي.
وشهد سوق منافذ التجزئة إضافة نحو 12600 متر مربع خلال الربع الثاني من عام 2025، ليصل إجمالي المخزون إلى 3.2 مليون متر مربع وفقا لـ”التقرير”. كما انخفض متوسط معدلات الشواغر في الفئة “أ” من قطاع المساحات المكتبية انخفض إلى 7.4% خلال الربع الثاني من عام 2025، مع تفوق الأبنية الفاخرة في الأداء محققةً متوسط معدل شواغر بلغ 4.5%.
الشيخ: توقعات بزيادات محدودة في الأسعار لا تتجاوز 15%
وقال علاء الشيخ، خبير التسويق العقاري، إن عدداً من المطورين يستعدون لطرح مشروعات جديدة فى مناطق القاهرة الجديدة والشروق ومدينة المستقبل، تستهدف الشرائح المتوسطة وتحت المتوسطة، عبر طرح وحدات بأسعار أقل تتناسب مع قدرتهم الشرائية، بما يضمن نجاح تلك المشروعات واستمرار حركة المبيعات.
وأوضح أن السوق العقاري سيشهد حالة من الركود المؤقت خلال الفترة المقبلة، نتيجة التقلبات التى مر بها القطاع فى الأشهر الماضية، إلى جانب تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وارتفاع أسعار الفائدة، وهو ما أثر على قرارات الشراء وأدى إلى تباطؤ نسب المبيعات.
وتوقع خبير التسويق العقاري، أن تشهد الأسعار زيادة محدودة لا تتجاوز 15% خلال الفترة المقبلة، مرجعاً ذلك إلى محاولة الشركات الحفاظ على التوازن بين تكلفة التطوير وقدرة العملاء على الشراء، دون الدخول فى موجة ارتفاعات جديدة قد تُضعف الطلب أكثر.
عبدالمنعم: بقاء الفائدة عند معدلات مرتفعة يقلص الاقتراض
وقال إبراهيم عبد المنعم، رئيس شركة يونايتد كونسالتنج للتسويق العقارى، إن الفترة المقبلة ستشهد منافسة قوية بين المطورين العقاريين للاستحواذ على المشروعات الكبرى، فى ظل سعى الشركات لتعزيز حصصها السوقية فى وقت يشهد فيه القطاع حالة من إعادة التوازن.
وأوضح أن السوق العقاري ما زال يتمتع بطلب حقيقي وقوي، متوقعاً أن تشهد المرحلة المقبلة زيادة فى الإقبال على الشراء، خاصة فى منطقة غرب القاهرة، التى أصبحت محور جذب للمستثمرين والعملاء بفضل توافر المشروعات العمرانية الحديثة وتوسع الدولة فى تنفيذ مشروعات البنية التحتية والخدمات المتكاملة.
وأشار عبدالمنعم، إلى أن استقرار الأسعار خلال الفترة المقبلة سيظل مرتبطاً بشكل مباشر بمستويات أسعار الفائدة، موضحاً أن بقاء الفائدة عند معدلات مرتفعة يحد من زيادات الأسعار نتيجة تقليص حجم الاقتراض الموجه للاستثمار العقارى.
أضاف أن استمرار ارتفاع تكاليف البناء والتشطيب قد يدفع إلى زيادات جديدة فى الأسعار خلال المرحلة المقبلة، لكنها ستكون محدودة وغير مبالغ فيها مقارنة بالارتفاعات الكبيرة التى شهدها السوق خلال الأعوام الماضية.