بنوك وتمويل

كيف تستقبل أدوات الدين والأموال الساخنة ارتدادات الخفض الرابع للفائدة؟

عمق البنك المركزي المصري، توجهه نحو التيسير النقدي بمزيد من خفض أسعار الفائدة.

وشهد أكتوبر الحالي، الخفض الرابع للفائدة منذ بداية العام الحالي، بواقع 100 نقطة أساس، ليصل سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي إلى 21%، و22%، و21.5%، على الترتيب.

كما قررت لجنة السياسة النقدية، خفض سعر الائتمان والخصم 100 نقطة أساس ليصل إلى 21.5%.

وفي ضوء قرار “المركزي”، تعيد البنوك تسعير منتجاتها المصرفية، ما يُشعر بعض المودعين، خاصة الشركات، بعدم الرضا وبالتالي عدم تجديد ربط مدخراتهم في ودائع وشهادات استثمارية، باحثين عن بدائل أخرى، في مقدمتها الأذون والسندات التي تعتبر جاذبة لكثيرين مع استمرار ارتفاع عوائدها.

وسجل متوسط العائد المرجح لأذون الخزانة قصيرة الأجل، خلال عطاء نهاية الأسبوع الماضي نحو 26.724%، و25.668%، لآجال 6 و12 شهرًا، بحسب بيانات صادرة عن البنك المركزي اطلعت عليها “البورصة”.
كما كشفت البيانات أن متوسط العائد على السندات طويلة الأجل بلغ نحو 23.727%، و23.381%، و19.945% لآجال 2، و3، و5 أعوام.

وسينعكس قرار خفض سعر “الكوريدور”، على سوق أدوات الدين. فربما قد تشهد العوائد على الأذون قصيرة الأجل تراجعًا تدريجيًا بوتيرة أبطأ من التي انتهجها البنك المركزي نحو الخفض، فيما تتجه العوائد على السندات متوسطة وطويلة الأجل نحو الحذر، وتبقى على مستويات أعلى نسبيًا خاصة إذا واصل التضخم تراجعه.

ويبقى مصير الأموال الساخنة مرهونًا بمعدلات العائد على أدوات الدين، والمتوقع أن تتراجع بنسب متباينة، ورغم ذلك، يظل العائد عليها جاذبًا للاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، ما يضمن استقرار تدفقات تلك الأموال إلى حدٍ كبير.

“نجلة”: الخفض يجعل أدوات الدين خيارًا أكثر جاذبية بعد اتساع الفجوة السعرية مع “الكوريدور” 

قال محمود نجله، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت فى شركة الأهلى لإدارة الاستثمارات المالية، إن خفض سعر “الكوريدور” قد يدفع بعض مودعي البنوك نحو توجيه مدخراتهم لأدوات الدين الحكومية حين انتهاء أجلها، خاصة هؤلاء الذين يبحثون عن عائد يفوق ما تمنحه الشهادات والودائع البنكية.

وأوضح أن قرار خفض أسعار الفائدة زاد الفجوة بين سعر الكوريدور وعوائد الأذون والسندات، ما يجعل أدوات الدين خيارًا أكثر جاذبية.

أضاف نجلة، أن هذا التحول لن يحدث بشكل فوري، نظرًا لارتباط شريحة من العملاء بودائع أو شهادات طويلة الأجل تتضمن شروطًا جزائية عند كسرها.. لذا سيظهر الانعكاس على مدى متوسط وطويل.

وأشار إلى وجود شريحة عملاء تفضل الاستقرار الذي توفره المنتجات المصرفية التقليدية مقارنة بأدوات الدين التي تتسم بتقلبات أسرع في السوق، مؤكدا أن العوائد على أدوات الدين قد تتراجع بوتيرة سريعة، إذا سجل معدل التضخم هبوطًا مستمرًا.

فتراجعه يقلل حاجة المستثمرين إلى تعويض مخاطر تآكل القيمة، وبالتالي يقبلون العطاءات بعوائد أدنى شرط أن تبلغ المستويات السنوية في التراجع إلى ما دون 9%.

أضاف نجله، أن استقرار سعر الصرف من شأنه تعزيز اتجاه عوائد أدوات الدين للهبوط، فاليقين بشأن قوة الجنيه وانخفاض مخاطر العملة يدعم تقديم المستثمرين عوائد أقل نظرًا لخفض المخاطر.

ولفت إلى أن تراجع المعروض من الإصدارات الحكومية يسهم في خفض العوائد، إذ يؤدي تقليص طرح الأذون والسندات أو إعادة هيكلة آجال الديون إلى خفض العائد نتيجة تراجع الضغوط التمويلية.

وتابع: “قد ينجم عن تراجع العائد خروج الأموال الساخنة بدرجة معادلة لنسبة الخفض، إذ إن بعض المستثمرين الأجانب قد يرون أن العائد لم يعد مجزيًا مقارنة بالأسواق المنافسة التي ما زالت تقدم عوائد أعلى”.

فالاضطرابات الاقتصادية أو السياسية، سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي، يمكن أن تدفع تلك الاستثمارات إلى التحرك سريعًا نحو ملاذات آمنة، تفاديًا لأي تقلبات غير محسوبة.

وحذّر نجله، من أن أي تحركات أو تذبذبات غير متوقعة في سعر الصرف ما ينتج عنها ضعف الثقة بالاستقرار المالي، قد تُعجّل بقرارات التخارج، خصوصًا لدى المستثمرين الذين يتعاملون وفق استراتيجيات قصيرة الأجل عالية الحساسية للمخاطر.

أضاف أن التخارج المفاجئ للأموال الساخنة قد يفرض ضغوطًا على الجنيه، إذ يسارع المستثمرون نحو بيع الجنيه وشراء الدولار للخروج من السوق، ما يضعف سعر الصرف ويزيد الطلب على النقد الأجنبي.

وفي تلك الحالة قد يضطر البنك المركزي إلى توظيف جزء من احتياطياته لدعم العملة.. لكن قد تتسع الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي نتيجة تراجع الثقة في استقرار السوق.

“عبد النبي”: خروج الأموال الساخنة مرهون بتحول العائد الحقيقي لمستويات سلبية

من جانبه قال أحمد عبد النبي، رئيس قسم البحوث بشركة «مباشر» لتداول الأوراق المالية، إن خفض أسعار الفائدة ينعكس سلبًا على سوق أذون الخزانة والسندات بوجه عام، إذ يؤدي تلقائيًا إلى تراجع العائد عليها تدريجيًا مع كل خفض يقره البنك المركزي.

أضاف أن العائد على أذون الخزانة والسندات لم يكن مرتفعًا في الوقت الراهن، نظراً لانخفاض سعر الفائدة.

ولفت عبدالنبي، إلى أن العوائد على أدوات الدين بدأت بالفعل في الهبوط منذ مطلع عام 2025 مع انطلاق دورة التيسير النقدي .. الأمر الذي دفع العديد من المستثمرين إلى التخارج من أدوات الدخل الثابت والشهادات البنكية والتوجه نحو بدائل استثمارية أكثر جدوى.

وأوضح أن الأموال الساخنة ترتبط مباشرة بمعدل الفائدة الحقيقي، من خلال طرح سعر الفائدة من معدل التضخم، موضحًا أن هذا المعدل لا يزال موجبًا في مصر حاليًا، ما يبقيها داخل السوق.
ورهن خروج الأموال الساخنة بتحول الفائدة الحقيقية إلى مستويات سلبية.

“عبد الحكيم”: الإقبال على السندات لن يتراجع.. وستزداد جاذبية الإصدارات القديمة 

وقال محمد عبد الحكيم، العضو المنتدب لشركة إنسايت القابضة للاستثمارات المالية، إن هناك قاعدة راسخة في الأسواق المالية مفادها أنه عند خفض سعر الفائدة ترتفع تلقائيًا قيمة الأصول المرتبطة بعوائد مرتفعة، إذ تزداد جاذبيتها مقارنة بالمستويات الجديدة في السوق.

وأكد أن الإقبال على السندات لن يتراجع، بل ستزداد جاذبية الإصدارات القديمة ذات العائد المرتفع، كونها أصبحت أصلًا مميزًا يحقق دخلاً أعلى من متوسط السوق، ما يدفع الطلب إلى رفع أسعارها للمستويات المطلوبة.

أضاف عبد الحكيم، أن هذا الطلب سيظل قائمًا، فتلك السندات لا تزال مغرية من منظور سعر الفائدة الحقيقي بعد احتساب معدل التضخم.. والمستثمر الحقيقي يهتم بسعر الفائدة الحقيقي.
كما أن توقيت تراجع العوائد على أدوات الدين بشكل ملحوظ يرتبط ببدائل الاستثمار المتاحة، موضحًا أن خفض سعر الفائدة ينعكس على مختلف الأوعية الاستثمارية دون استثناء.

وشدد على أن تدفقات الأموال الساخنة ترتبط أساسًا بسعر الفائدة الحقيقي، موضحًا أنه طالما حافظت الدولة على فائدة حقيقية تنافس الأسواق الأخرى فستستمر تدفقات الأموال الساخنة.

كما أن سعر الصرف يتأثر بحركة الدخول والخروج للأموال الساخنة، مشيرًا إلى أن الاستثمار المباشر والإيرادات الناتجة عنه يسهمان في ضبط ميزان المدفوعات، فإذا كان الميزان متوازنًا ستتم السيطرة على سعر الصرف بشكل فعال، أما حال حدوث اختلال فستكون هشاشة العملة وانهيارها أمرًا واردًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى