أرباح البنوك مرشحة لمواصلة النمو رغم خفض الفائدة

في ظل خفض أسعار الفائدة، توقّع خبراء مصرفيون أن تحقق البنوك العاملة في القطاع المصرفي المصري نمواً في أرباحها بنهاية 2025، ولكن بوتيرة أقل مقارنة بالعام الماضي، نتيجة ارتفاع التكاليف التشغيلية مع استقرار سعر الصرف.
وقررت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي، خفض أسعار الفائدة بواقع 200 نقطة أساس إضافية خلال اجتماع أغسطس الماضي، ليصل إجمالي الخفض إلى 525 نقطة أساس منذ بداية 2025، وسط توقعات بمزيد من الخفض حتى نهاية العام الحالي.
قالت مروة الشافعي، الخبيرة المصرفية، إن التراجع القوي في أسعار الفائدة قد يؤدي إلى تقليص هامش الأرباح، إذ تتراجع عوائد الأصول بوتيرة أسرع من انخفاض تكلفة الودائع، خاصة على المدى القصير.
وأضافت أن هذا التحدي يقابله جانب إيجابي يتمثل في تحفيز الطلب على الائتمان سواء من الأفراد أو الشركات، ما يدعم نمو محافظ القروض والإيرادات من العمولات والرسوم المصرفية.
أشارت الشافعي، إلى أن التقديرات الأولية ترجّح تحقيق البنوك نمواً في أرباحها بنهاية 2025 بنسبة 5 – 15% مقارنة بمستويات 2024، حال استمرت الأوضاع الاقتصادية في الاستقرار وتراجع معدلات التضخم تدريجياً، وهو ما يتيح للبنوك التوسع في قاعدة عملائها وتوظيف السيولة في قنوات آمنة.
وارتفع صافي أرباح البنوك، بخلاف البنك المركزي، إلى 534.9 مليار جنيه خلال 2024، مقابل 283.4 مليار جنيه خلال 2023، بنسبة نمو بلغت 88.7%، وزيادة إجمالية قدرها 251.5 مليار جنيه، بحسب بيانات صادرة عن البنك المركزي.
اقرأ أيضا: مسح لـ”البورصة”: “CIB” يتصدر مؤشر كفاءة المصروفات الإدارية
أكدت الشافعي أن قدرة البنوك على الاستفادة من خفض الفائدة ستتباين حسب كفاءتها التشغيلية وهيكل مصادر دخلها، مرجّحة أن البنوك الكبرى ذات الحصص السوقية القوية، مثل البنك الأهلي المصري وبنك مصر والبنك التجاري الدولي، ستكون الأكثر استفادة من هذه البيئة الجديدة بفضل قدرتها على إدارة فجوات التسعير وتقديم خدمات رقمية موسعة، في حين ستواجه البنوك الأصغر أو الأقل تنوعاً ضغوطاً أكبر للحفاظ على هوامش ربح مستقرة.
وتوقّعت الشافعي أن تظهر انعكاسات خفض أسعار الفائدة خلال فترة تتراوح بين 6 إلى 12 شهراً، على أن يمتد الأثر الكامل على محفظة القروض إلى نحو عام كامل.
وشددت الشافعي على أن البنوك ذات الكفاءة التشغيلية المرتفعة، وانخفاض معدل تكلفة التشغيل إلى الدخل (CIR)، إلى جانب امتلاكها بنية تكنولوجية قوية، ستكون الأكثر قدرة على تحويل خفض الفائدة إلى فرصة للنمو.
وقفز صافي عائد البنوك العاملة في القطاع بنحو 57.09% خلال العام الماضي، ليسجل 915 مليار جنيه خلال 2024، مقارنة بـ 582.5 مليار جنيه في 2023، مما يُمثل زيادة قدرها 332.539 مليار جنيه، بحسب بيانات البنك المركزي.
«عبد العال»: ارتفاع حصيلة البنوك من العمولات مع زيادة فتح الاعتمادات المستندية
فيما توقع محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، أن تسجل أرباح البنوك نموًا خلال العام الحالي ولكن بوتيرة أقل من العام الماضي، بنسب بين 30 – 50%، وهو ما يعكس قوة أداء القطاع المصرفي رغم الضغوط المرتبطة بخفض الفائدة وتغيرات سعر الصرف.
أضاف أن خفض أسعار الفائدة بمقدار 525 نقطة أساس، وسط توقعات بمزيد من الخفض بنحو 2% إضافية قبل نهاية 2025، قد يؤدي إلى استقرار نسبي في إيرادات البنوك مع ميل طفيف للانخفاض، موضحاً أن هذا الأثر سيقابله توسع ائتماني متزايد من جانب الشركات، لاسيما في قطاع التجزئة المصرفية، ما يتيح للبنوك تحقيق أرباح جيدة.
وأكد عبد العال، أن تحسن أوضاع النقد الأجنبي انعكس بشكل مباشر على حركة التجارة الخارجية، إذ ارتفعت حصيلة البنوك من العمولات مع زيادة فتح الاعتمادات المستندية، في ظل عدم وجود طلبات معلقة أو سلع مجمدة بالجمارك.
«وجيه»: استمرار المسار الصاعد مرهون بتنويع مصادر الدخل والتركيز على التمويل الإنتاجي
وقالت شيماء وجيه، الخبيرة المصرفية، إن خفض أسعار الفائدة سيغير معادلة ربحية البنوك بنهاية 2025 مقارنة بالعام الماضي، موضحة أن الأثر المباشر يتمثل في تراجع عوائد الاستثمار بأذون وسندات الخزانة نتيجة انخفاض العائد عليها، وهو ما يضغط على صافي هامش الفائدة.
وأضافت أن هذا التحدي يقابله جانب إيجابي يتمثل في تنشيط الطلب على الائتمان سواء من الشركات أو الأفراد، بما يعزز نمو محافظ القروض ويولّد دخلًا تشغيليًا أعلى من العمولات والرسوم.
كما أشارت إلى أن انخفاض تكلفة الأموال بفعل تراجع أسعار العائد على الودائع يمنح البنوك مرونة أكبر في إعادة تسعير منتجاتها التمويلية، ويحافظ على الهوامش التشغيلية.
وأكدت وجيه، أن التقديرات المستقبلية تدور حول سيناريوهين رئيسيين، الأول وهو الأكثر ترجيحًا، بأن يقوم على استمرار النشاط الاقتصادي والتوسع الائتماني، ما يدعم نمو أرباح البنوك بنسبة تتراوح بين 8 – 12% بنهاية 2025.
أما السيناريو الثاني، فتفترض وجيه تباطؤ النشاط الاقتصادي أو محدودية أثر خفض الفائدة على الطلب الائتماني، وهو ما قد يؤدي إلى تراجع أرباح بعض البنوك الأكثر اعتمادًا على أدوات الدين الحكومية بنسبة تتراوح بين 2% و 4%.
وتابعت أن أرباح البنوك في 2025 ستظل في مسار صاعد إذا ما تمكنت من تنويع مصادر الدخل والتركيز على التمويل الإنتاجي والقطاع الخاص، في حين أن استمرار الاعتماد المفرط على عوائد أدوات الدين قد يضع ضغوطًا إضافية على ربحيتها.