بين الفرص والتحديات.. هل تتحول مبادرات الشمول المالي لعبء على البنوك؟

كشف مسؤول مصرفي ، لـ”البورصة”، أن أحد البنوك الحكومية، أسس قطاعا مستقلا داخل البنك تحت اسم “مخاطر الشمول المالي”، بخلاف إدارات الشمول المالي الموجودة داخل البنوك كافة.
أضاف المصدر الذي رفض نشر اسمه، أن القطاع الجديد يعكس المخاطر الناجمة عن التوسع في الشمول المالي وسوء إدارة الأموال من قبل بعض العملاء نتيجة نقص الوعي لديهم.
ويتبنى البنك المركزي، استراتيجية واضحة تستهدف توسيع قاعدة المتعاملين مع الجهاز المصرفي، وإدماج الفئات غير المشمولة ماليًا في المنظومة الرسمية، من خلال إطلاق المبادرات التحفيزية للبنوك، وتبسيط الإجراءات، وتوظيف التكنولوجيا المالية.
قال أيمن سليمان الخبير المصرفي، إن أهمية الشمول المالي تكمن في تعزيز النمو الاقتصادي، وخفض معدلات الفقر وتوزيع أفضل للدخل وتحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة.
ورغم دوره المتعاظم، إلا أن للشمول المالي مخاطر لا يمكن إغفالها، وتتنوع بين المخاطر النظامية، والمخاطر المرتبطة بالعملاء، والمخاطر المرتبطة بالأنظمة المالية.
وأوضح أن احتمالية ظهور مخاطر نظامية جديدة في القطاع المالي تأتي بالتزامن مع توسع الخدمات المالية وزيادة عدد العملاء، بالإضافة إلى مخاطر تتعلق بسوء إدارة الأموال من قبل بعض العملاء ، خاصة عند استخدام المنتجات المالية الجديدة أو المعقدة، مما قد يؤدي إلى مشكلات في الاستقرار المالي.
وأشار سليمان إلى أن المخاطر المرتبطة بالعملاء تتفاقم مع زيادة التعاملات في المنتجات المالية الجديدة والمعقدة، وتعرض الأفراد والمشروعات الصغيرة لمخاطر مالية لم يكونوا على دراية بها.
اقرأ أيضا: ارتفاع نسبة الشمول المالي وتحسن مؤشرات العمل والتعليم في مصر
وهذة المخاطر قد تتجسد في سوء إدارة الأموال، خاصة في ظل غياب التثقيف المالي، ومواجهة بعض الأفراد صعوبة في إدارة أموالهم بشكل صحيح، مما يؤدي إلى مشكلات مثل التعثر في السداد أو سوء استخدام المنتجات المالية.
أما فيما يتعلق بالمخاطر المرتبطة بالأنظمة المالية، فقال سليمان إن توسع الخدمات المالية وزيادة عدد العملاء قد يؤدي إلى تغيير في بنية النظام المالي وظهور مخاطر نظامية جديدة لم تكن موجودة من قبل، مثل النمو المفرط في الائتمان خاصة مع تعثر العميل، وتحديات إدارة السيولة أو توفير خدمات جديدة تواكب احتياجات العميل، إلى جانب خطر عدم الاستقرار المالي.
وارتفعت نسبة الأفراد المشمولين ماليًا إلى 74.8% بنهاية العام الماضي، مقابل 70.7% في 2023، بحسب بيانات صادرة عن البنك المركزي.
شوقي : الاحتيال على البنوك وتحويلات الأموال غير المشروعة .. أبرز المخاطر
وأكد الدكتور أحمد شوقي الخبير المصرفي، أن ارتفاع معدل الشمول المالي يسهم في التخفيف من حدة الفقر وتحفيز النمو الاقتصادي، بينما أبرز المخاطر هي مخاطر الائتمان من خلال التوسع في منح تمويلات للعملاء المفتقرين للثقافة المالية، بالتزامن مع عدم إتاحة إجابات عن الاستفسارات لديهم، ما قد يُنذر بتأثر جدارتهم الائتمانية أو قد يصل الأمر إلى تعثرهم.
كما أن للشمول المالي مخاطر أخرى تُسمي بـ”مخاطر السمعة”، وهي توجيه العملاء التمويلات المقدمة لهم في غير الأغراض الممنوح لها التمويل.
وقد تتمثل المخاطر في الاحتيال على البنوك من خلال تقديم مستندات أو بيانات غير سليمة من جهة، ومن جهة أخرى تعرض العملاء للاحتيال، أو تحايل مقدمي الخدمات المعاونة للبنوك، ما قد يعكس سلبياته على سمعة البنوك والمؤسسات المالية.
ووسط جهود البنوك للتوسع في قاعدة العملاء لتنفيذ استراتيجية الشمول المالي، قد يستغل البعض ذلك في تحويل أموال ناتجة عن عمليات غير مشروعة كغسيل الأموال.
ولفت شوقي، إلى أن الشمول المالي له مخاطر سيبرانية تظهر من خلال الاعتماد على الخدمات الرقمية المقدمة للفئات غير المثقفة مالياً والتي يزداد احتمال تعرضها لهجمات إلكترونية، مع عدم قدرتهم على التعامل معها.
وأشار إلى مخاطر التشغيل، حيث تعتمد مبادرات الشمول المالي على التعامل مع شركاء ووكلاء ووسطاء جدد في الأسواق، مما يؤدي إلى زيادة المخاطر التشغيلية في حالة عدم توافق النظم المطبقة من تلك المؤسسات بشكل متكامل مع أنظمة العمل بالبنوك وعدم اختبارها بشكل دوري لتحديد الثغرات في تلك النظم والاجراءات، أو حدوث تعطل نتيجة إشكاليات تقنية بتلك المؤسسات.
وتابع: “طبيعة العمالة في تلك المؤسسات، والتي قد تحدث عنها مخالفات لا تتوافق مع نظم ولوائح العمل المصرفي مثل شركات التحصيل والشحن وغيرها، قد تؤدي إلى مخاطر قانونية”.
أبو الخير : دمج شرائح جديدة من المواطنين والشركات الصغيرة قد يرفع نسب التعثر
وقال أحمد أبو الخير، الخبير المصرفي، إنه رغم التقدم الذي تحرزه الدولة في مجال الشمول المالي، إلا أنه لا يخلو من مخاطر محتملة، ما قد يُعيق استدامته.
ومن أبرز تلك المخاطر ما يتعلق بالجانب الائتماني، إذ إن إدماج شرائح جديدة من المواطنين والشركات الصغيرة قد يرفع نسب التعثر في السداد بسبب ضعف خبرتهم المالية.
وأضاف أن هناك مخاطر تشغيلية ناتجة عن قصور البنية التكنولوجية أو نقص الوعي باستخدام الخدمات الرقمية، مما قد يؤدي إلى أخطاء في المعاملات أو فقدان البيانات أو حتى توقف الأنظمة ككل، وقد تُضعف هذه الثغرات ثقة العملاء من جهة، ومن جهة أخرى تفتح المجال أمام التهديدات السيبرانية وعمليات الاحتيال.
وأوضح أن غسل الأموال وتمويل الإرهاب يُشكل تحديًا آخر في ظل توسع قنوات مالية مثل المحافظ الإلكترونية، والتي قد تُستغل من قبل أفراد أو كيانات غير موثقة ماليًا.