بعد خفض الفائدة.. هل تظل الأوعية الادخارية جاذبة للعملاء؟

توقع خبراء مصرفيون، أن تواصل الأوعية الادخارية لدى البنوك اجتذاب العملاء رغم خفض الفائدة .. لكن بعضهم لم يستبعد توجها قليلا نحو بدائل أخرى منها الذهب وأذون الخزانة.
وأقرت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي، خفض أسعار الفائدة بواقع 200 نقطة أساس خلال اجتماعها أواخر أغسطس الماضي، ليبلغ إجمالى الخفض 525 نقطة أساس منذ بداية 2025، وسط توقعات باستمرار تخفيض الفائدة خلال الاجتماعات المقبلة للجنة.
ووفقا للجدول المعلن على الموقع الرسمي للبنك المركزي المصري، يتبقى ثلاثة اجتماعات للجنة السياسة النقدية قبل نهاية 2025، أولها اجتماع الخميس 2 أكتوبر وهو الاجتماع السادس منذ بداية العام، ثم اجتماع ثان الخميس 20 نوفمبر ، وأخيرا اجتماع الخميس 25 ديسمبر 2025 .
قال الدكتور أحمد شوقي الخبير المصرفي، إن طبيعة أصحاب رؤوس الأموال هي ما تحتم عليهم اختيار الطريقة المثلى للادخار والاستثمار معًا.
وأوضح أن القطاع المصرفي يقدم لعملائه منتجات مصرفية استثمارية معدومة المخاطر توفر لهم عوائد بمختلف الدوريات لمواكبة التزامات المعيشة، وهذا ما يعجله جاذبًا حتى وإن تراجعت معدلات الفائدة.
أضاف شوقي، أن الاستثمارات الأخرى سواء كانت في العقارات أو الذهب وغيرهما، محاطة بدرجة من المخاطرة، وتحقق مكاسب على المدى الطويل، وهو ما يتعارض مع احتياجات عملاء القطاع المصرفي الذين يفضلون العوائد الدورية.
وأكد أنه رغم خفض أسعار الفائدة، إلا أن معدل العائد الحقيقي الذي يحصل عليه العميل يظل مرضيا له، بفضل تراجع معدلات التضخم.
اقرأ أيضا: تأثيرات متباينة لخفض الفائدة على الشركات المدرجة في البورصة
وتراجع معدل التضخم العام لإجمالي الجمهورية إلى 13.1% خلال يوليو الماضي، على أساس سنوي، مقابل 14.4% في يونيو 2025، بحسب بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
ويتم احتساب معدل العائد الحقيقي الذي يحققه العميل بطرح سعر الفائدة على الإيداع من معدل التضخم، حيث يتبين أن المعدل يصل إلى 8.9%.
واستبعد شوقي فرضية تقلص محافظ ودائع العملاء في البنوك بعد خفض أسعار الفائدة، موضحًا أن القطاع العائلي الذي يمثل النسبة الأكبر من حجم الودائع يتميز بطبيعة حذرة.
وتابع:” رغم أن الاستثمار في البورصة المصرية يعتبر مغريًا نتيجة تحقيق عوائد مرتفعة، إلا أنه يظل محفوفًا بدرجة مخاطر مرتفعة لا يتحملها عميل البنوك”.
ولفت إلى أن جميع البنوك العاملة في السوق المحلية، بلا استثناء، تمتلك صناديق استثمار متنوعة، تشمل صناديق أسواق النقد ذات العائد اليومي، إضافة إلى صناديق متوافقة مع الشريعة الإسلامية، ما يمنح العملاء بدائل متعددة تتماشى مع احتياجاتهم المختلفة.
عبد العال : أتوقع تجديد العملاء شراء شهادات الادخار لما توفره من سيولة
وقال محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، إن قرار المستثمر لا يعتمد فقط على سعر العائد، بل على مجموعة من الاعتبارات الأوسع.
وتلك الاعتبارات قد تتمثل في تحقيق عائد نقدي حقيقي ومرض، مع توفير سيولة كافية إذا تطلب الأمر، بخلاف مدى قدرته على تحمل المخاطر، وهذا ما يميز الاستثمار لدى البنوك ومنتجاتها.
أضاف أن هذه العوامل هي التي تحدد توجه المستثمر نحو بدائل أخرى مثل الذهب أو العقارات، أو الاعتماد على عوائد ثابتة كالمعاشات.
واستبعد عبد العال، أن تتأثر محفظة الودائع لدى القطاع المصرفي بخفض أسعار الفائدة، متوقعًا أن يواصل العملاء إعادة شراء الشهادات الادخار.
وذكر أن السياسة النقدية هي المحرك الرئيس للأوضاع الاقتصادية، لما تحققه من توازن بين النمو الاقتصادي والاستقرار النقدي دون الوقوع في فخ الركود أو التضخم.
وأضاف عبد العال، أن البنوك ليست بحاجة إلى إصدار شهادات ادخارية جديدة، إذ إن الشهادات المطروحة نجحت في اجتذاب مدخرات العملاء.
وفيما يخص تخارج العملاء من الاستثمار في البنوك نحو صناديق الاستثمار ومنتجات سوق المال، أكد عبد العال أن ذلك يتطلب جهودًا أكبر في التوعية والتثقيف المالي، مشيرًا إلى أن على الشركات المالية غير المصرفية أن تعمل بشكل دائم على تقديم برامج تعليمية للعملاء لشرح طرق إدارة المخاطر وتحقيق العوائد.
الشافعي : الاستثمار في البورصة يحتاج محفزات قوية لاستعادة الثقة
وقالت مروة الشافعي الخبيرة المصرفية، إن الخفض الإضافي في أسعار الفائدة لن يغير كثيرًا من تفضيلات العملاء تجاه الشهادات والودائع، موضحة أن الإقبال عليها سيظل قائمًا، خصوصا أن العائد الحالي عليها مازال مرتفعًا نسبيًا مقارنة بالبدائل الأخرى.
وأشارت إلى أن قرارات الادخار أو الاستثمار ترتبط بشكل مباشر بدرجة تحمل المخاطر لدى كل عميل.
وتابعت: “عملاء القطاع العائلي يختلفون عن غيرهم بأنهم يرتدون عن أي استثمار له مخاطر وإن كانت أرباحه جاذبة، ما يجعل الشهادات والودائع جاذبة”.
أما الفئات التي تتمتع بدرجة أعلى من تقبل المخاطر، سواء كانت متوسطة أو مرتفعة، فإنها تتجه إلى تنويع محافظها الاستثمارية بين أدوات الدين مثل أذون الخزانة، وأسواق الأسهم والسندات، إلى جانب صناديق الاستثمار، بحسب الشافعي.
وأضافت أن الاستثمار في البورصة ما زال بحاجة إلى محفزات قوية لاستعادة ثقة المتعاملين، لافتة إلى أن الخسائر الأخيرة حدّت من جاذبيتها، باستثناء فئة محدودة من المستثمرين الذين يتمتعون بملاءة مالية مرتفعة ومعرفة كافية بكيفية إدارة استثماراتهم.
وترى الشافعي أن أدوات الدين الحكومي ستكون أكثر جاذبية للعملاء مقارنة بالودائع من حيث العائد المعلن، متوقعة أن تستمر الحكومة في الاعتماد عليها خلال الفترة المقبلة، لاسيما وأنها شهدت إقبالًا قويًا من المستثمرين حتى قبل خفض الفائدة من جانب المركزي.
فهمي : بعض العملاء والمستثمرين قد يتجهون إلى الذهب وأذون الخزانة
وأكد ماجد فهمي، الخبير المصرفي، أن شريحة كبيرة من حائزي الشهادات هم من أصحاب المعاشات والأسر التي تعتمد على عوائدها كدخل ثابت، سواء بشكل كلي أو جزئي، لتغطية تكاليف المعيشة، معتبرًا أن هذه الفئة لن تستغني عن الشهادات لارتباطها المباشر باحتياجاتها اليومية.
وتوقع أن يتجه بعض العملاء إلى الذهب باعتباره الملاذ الآمن التقليدي في الوقت الحالي، في حين تراجعت جاذبية سوق العقارات كخيار استثماري لدى شرائح واسعة، مؤكدًا أن القطاع لم يعد يوفر الجدوى نفسها للمستثمرين.
أشار فهمي، إلى أن الاستثمار في الأسهم والأسواق المالية يرتبط بدرجة كبيرة بمناخ الاستثمار العام، وأن دخوله يتطلب وجود مستشار مالي متخصص أو الاعتماد على صناديق الاستثمار.
أضاف فهمي أن شريحة من المستثمرين قد تتجه إلى أذون الخزانة، نظرًا لارتباطها الوثيق بتدفقات الأموال الساخنة ودورها في دعم استقرار سعر الصرف، متوقعًا أن تظل أسعار الفائدة عليها عند مستويات جاذبة ومناسبة خلال الفترة المقبلة.
وشدد فهمي على أن خفض الفائدة الأخير لا يمثل تراجعًا حادًا يجعل العملاء يعزفون عن الشهادات، موضحًا أن هذه الأوعية ستظل محتفظة بجاذبيتها كخيار رئيس للمدخرين.