شارع البورصة

البورصة المصرية تتطلع للإطلاق التدريجي لسوق المشتقات المالية

تتزايد الدعوات في مجتمع سوق المال المصري للإسراع بتفعيل سوق المشتقات المالية كأحد أبرز الملفات الاستراتيجية المدرجة على أجندة إدارة البورصة الجديدة، ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه الأسواق المحلية والعالمية تقلبات حادة على خلفية التوترات الجيوسياسية وارتفاع أسعار الفائدة عالميًا، ما يدفع المستثمرين للبحث عن أدوات متطورة للتحوط وإدارة المخاطر.

وفي حين يتفق الخبراء على أهمية وجود السوق لتعميق أدوات الاستثمار وزيادة كفاءة السوق، إلا أنهم يختلفون حول توقيت الإطلاق، ومدى جاهزية البنية التكنولوجية، وتوافر السيولة، والوعي الاستثماري، وهي عناصر يرون أنها مهمة لنجاح التجربة.

تعد المشتقات المالية من أهم الأدوات المستخدمة عالميًا لإدارة المخاطر والتحوط ضد تقلبات أسعار الأصول، سواء كانت أسهمًا أو سلعًا أو عملات، وبحسب خبراء سوق المال، فإن إدخال هذه الأدوات إلى البورصة المصرية سيشكل نقلة نوعية في هيكل السوق من خلال توفير آليات تسمح للمستثمرين والمؤسسات بحماية محافظهم الاستثمارية، إلى جانب إتاحة فرص جديدة للمضاربين وصناديق التحوط، وفي ظل التحديات الاقتصادية العالمية، وارتفاع معدلات التقلب في أسعار السلع والعملات وأسواق المال، ستكون المشتقات المالية صمام أمان يساعد السوق المصرية على استيعاب الصدمات، ويمنح المستثمرين أدوات أكثر مرونة للتحوط، وهو ما يتماشى مع أهداف الحكومة لتعميق السوق وجذب استثمارات طويلة الأجل.

وأكد إسلام عزام، رئيس البورصة المصرية، أن ملف المشتقات المالية يأتي على رأس أولويات خطته لتطوير السوق، مشيرًا إلى أن الإدارة تعمل بالتوازي على تفعيل آلية صانع السوق وآلية اقتراض الأوراق المالية بغرض البيع (الشورت سيلنج)، باعتبارها مكونات أساسية لنجاح سوق المشتقات.

وتفاوض إدارة البورصة المصرية شركات عالمية لإدخال نظام تداول جديد للمشتقات المالية، حسبما قال إسلام عزام، رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية فى تصريحات يوم الأربعاء الماضي على هامش مؤتمر بدء التداول على أسهم شركة فيركيم للأسمدة في السوق الرئيسية.

أضاف أن الخطوة الجديدة تأتى فى إطار خطة شاملة لتنويع الأدوات الاستثمارية، وزيادة عمق السوق، بما يمنح المستثمرين أدوات تحوط متقدمة، ويعزز من جاذبية البورصة أمام الاستثمارات الأجنبية.

المصري: الإجراء يتطلب تفعيل “شورت سيلنج” وصانع سوق وبنية تحتية جديدة

وذكر ياسر المصري، العضو المنتدب لشركة العربي الأفريقي، أن إطلاق سوق المشتقات لا يمكن أن يتم بمعزل عن تفعيل آلية الشورت سيلنج، موضحًا أن هذه الآلية تمثل العمود الفقري لأي سوق مشتقات ناجح، حيث تسمح بتكوين مراكز بيعية ضرورية لتحقيق التوازن في عقود المشتقات وتوفير التحوط الفعّال.

وأشار المصري إلى أن البنية التحتية الحالية للسوق تحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة، تشمل أنظمة التداول والتسوية والمقاصة، فضلًا عن الحاجة إلى رفع مستوى السيولة بشكل كبير لجعل المشتقات أداة ذات جدوى فعلية.

وأضاف أن وجود صانع سوق نشط سيعزز من كفاءة هذه الأدوات، ويوفر مستويات سعرية عادلة تساعد المتعاملين على إدارة المخاطر بكفاءة أكبر.

وتوقع المصري أن يشهد السوق خطوات ملموسة نحو تفعيل المشتقات خلال الفترة المقبلة، خاصة مع اهتمام إدارة البورصة الجديدة بالملف وتوافر الخبرة الفنية لديها، ما قد يسرع من وتيرة الإطلاق ويعزز فرص نجاح التجربة.

حسن: يجب نشر الثقافة الاستثمارية وتجهيز السوق

وقال محمد حسن، العضو المنتدب لشركة ألفا لإدارة الاستثمارات المالية، إن السوق المصري غير جاهز بعد لإطلاق سوق المشتقات، مشددًا على أن غياب الثقافة الاستثمارية الكافية يمثل أكبر عائق أمام نجاح هذه السوق.

وأوضح حسن أن المشتقات قد تتحول إلى أداة لزيادة المخاطر في حال تم إطلاقها قبل تهيئة المناخ الاستثماري، خاصة في ظل الأوضاع الجيوسياسية الراهنة، والتي قد تدفع بعض المستثمرين إلى استخدامها للمضاربة المفرطة بدلاً من التحوط.

وأضاف أن التجربة تحتاج إلى برامج توعية مكثفة للمستثمرين وصناع القرار، إلى جانب حملات تدريب للوسطاء، حتى لا تتحول المشتقات من وسيلة لتقليل المخاطر إلى عامل مفاقم للأزمات، مشيرا إلى أن الأولوية يجب أن تذهب أولاً لتوسيع قاعدة المستثمرين المؤسسين ورفع أحجام التداول قبل التفكير في إطلاق أدوات جديدة بهذا الحجم من التعقيد.

رشاد: ضرورة التنفيذ بشكل تدريجي وتحت ضوابط رقابية صارمة

وأشار إيهاب رشاد، نائب رئيس مجلس إدارة شركة مباشر، إلى أن وجود سوق مشتقات في مصر أصبح ضرورة لمواجهة التقلبات، لكنه أكد أن الإطلاق يجب أن يتم بشكل تدريجي وتحت ضوابط رقابية صارمة.

أوضح رشاد أن التحديات أمام إطلاق السوق تشمل ضعف السيولة، واعتماد البورصة في الفترة الحالية على المستثمرين الأفراد بنسبة كبيرة، وغياب صانع السوق، فضلاً عن عدم جاهزية البنية التكنولوجية والقواعد التنظيمية، موضحا أن معالجة هذه التحديات تتطلب خطة شاملة تبدأ بتطوير الأنظمة التقنية، ووضع أطر تنظيمية واضحة، وتدريب الكوادر، مع تطبيق تدريجي للمنتجات بدءًا بالعقود المستقبلية على المؤشرات أو السلع الرئيسية مثل الذهب.

وأكد أن اتباع هذا النهج سيحول المشتقات إلى إضافة قوية للسوق المصري وداعمة لاستقراره المالي، بدلاً من أن تكون مصدرًا جديدًا للمخاطر النظامية.

حامد: المستثمرون يحتاجون إلى أدوات تحوط متقدمة

وقالت راندا حامد، العضو المنتدب لشركة عكاظ لإدارة الأصول، إن إطلاق سوق المشتقات المالية بات ضرورة استراتيجية، مشيرة إلى أن المستثمرين المحليين والأجانب يحتاجون إلى أدوات متقدمة للتحوط تمكنهم من التخطيط بثقة أكبر.

وأضاف حامد أن وجود سوق مشتقات نشط سيجعل البورصة المصرية أكثر جاذبية مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى التي توفر بالفعل هذه الأدوات، ما قد يسهم في جذب استثمارات أجنبية جديدة وزيادة عمق السوق.

واقترحت حامد، أن يبدأ الإطلاق بعقود مستقبلية على مؤشر EGX30 أو الدولار أو الذهب، مع تنفيذ برامج توعية وتدريب واسعة لتقليل احتمالات سوء الاستخدام أو المضاربة المفرطة، على أن يتم توسيع قاعدة المنتجات تدريجيًا وفقًا لمدى استيعاب السوق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى