أسواق

الاستدامة والشفافية المالية والتحول الرقمي “طريق التنمية الاقتصادية”

شهدت فعاليات المؤتمر المهني الدولي الثاني عشر لاتحاد المحاسبين والمراجعين العرب، الذي عقد بالقاهرة أمس الأحد، طرحًا مكثفًا لرؤى تتقاطع حول التحول الرقمي، والشفافية، والاستدامة، ودور المهنة في دعم الاقتصادات الوطنية والدولية.

وشارك في المؤتمر الذي عقد تحت عنوان: الاستدامة والشفافية المالية والتحول الرقمي “تنمية اقتصادية”، ممثلون عن الاتحاد العربي للمحاسبين والمراجعين (AFFA)، والاتحاد الإفريقي للمحاسبين (PAFA)، ووزارة المالية، ووزارة قطاع الأعمال، والجهاز المركزي للمحاسبات، وهيئة الرقابة المالية.

وأعلن إسلام عزام، رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية، خلال المؤتمر، التعاقد مع شركة «ناسداك» لتطوير نظام تداول جديد ليحل محل النظام الحالي “X-Stream”، على أن يتم تشغيله خلال النصف الثاني من عام 2026.

وأوضح أن النظام الجيد سيوفر إمكانيات أكبر تشمل تداول المشتقات المالية، وشهادات الكربون، والسندات ضمن منصة واحدة، ما يمهد الطريق لإطلاق تداول المشتقات خلال أبريل أو مايو 2026

أضاف عزام، أن السوق في طريقها لمواكبة التطورات العالمية في مجالات الاستدامة، والشفافية المالية، والتحول الرقمي، مشيرًا إلى أن هذه المحاور أصبحت ركيزة أساسية لجذب الاستثمارات وتعزيز كفاءة السوق خلال المرحلة المقبلة.

ولفت إلى أن إطلاق أول سوق كربون طوعي في إفريقيا أغسطس 2024 ، مثل خطوة استراتيجية نحو دعم جهود الاستدامة في مصر والمنطقة، موضحًا أن السوق شهد منذ انطلاقه إصدار نحو 147 ألف شهادة كربون، وتسجيل 34 مشروعًا من خمس دول مختلفة.

أشار عزام، إلى أن البورصة المصرية تولي أهمية كبيرة لرفع الوعي بمعايير الاستدامة الدولية، ونظمت نحو 700 ساعة تدريبية لنحو 5000 طالب و3000 مهني من أكثر من 500 شركة لتعريفها بمتطلبات ومعايير الإفصاح مثل IFRS S1 وS2، لافتًا إلى وجود مناقشات متقدمة لإطلاق أول مؤشر للاستدامة في البورصة EGX Sustainability Index خلال الفترة المقبلة.

وفيما يتعلق بالإفصاح والشفافية المالية، شدد عزام، على أن هذا المحور يمثل «البطل الحقيقي للسوق»، موضحًا أن البورصة تلزم الشركات بالإفصاح الدوري عن القوائم المالية في مواعيدها، والإفصاح الفوري عن الأحداث الجوهرية قبل بدء جلسة التداول لضمان توافر المعلومات لكافة المستثمرين في الوقت ذاته.

وأضاف أن البورصة تشترط على الشركات إدراج الإفصاحات المتعلقة بالاستدامة إلى جانب القوائم المالية، مشيرًا إلى أن نحو 86% من الشركات المقيدة تلتزم بالإفصاحات البيئية والاجتماعية والحوكمة ESG، بينما يلتزم أكثر من 91% بالإفصاحات الخاصة بالمناخ وفقًا لإطار TCFD.

كما أشار إلى تطوير تطبيق البورصة EGX App المتاح على نظام “أندرويد”، مع العمل على إطلاقه قريبًا على “أبل ستور”، وتحديثه ليتضمن أدوات أكثر تقدمًا في عرض البيانات والإفصاحات، منها استخدام صيغة XBRL لعرض القوائم المالية آليًا، وتوفير إحصاءات موسعة للمستثمرين.

شيمي: الاستدامة أصبحت ضرورة .. والشفافية المالية ركيزة للثقة

وقال محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، إن مهنة المحاسبة والمراجعة تمثل أحد الأعمدة الرئيسية لبناء اقتصاد قوي قائم على النزاهة والشفافية والاستدامة، مشددًا على أن المؤتمر يعكس الأهمية المتزايدة لدور هذه المهنة في دعم الثقة في بيئة الأعمال وتعزيز جهود التنمية المستدامة.

وأضاف أن الاستدامة أصبحت ضرورة، والشفافية المالية ركيزة للثقة، والتحول الرقمي مسارًا لا غنى عنه لمواكبة المستقبل، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية ووزارة قطاع الأعمال تعملان على تنفيذ استراتيجيات شاملة لتطوير الشركات التابعة وتحقيق الاستدامة في إطار رؤية مصر 2030 وبرنامج عمل الحكومة ووثيقة سياسة ملكية الدولة.

وأشار إلى أن محفظة الوزارة تضم 6 شركات قابضة ونحو 170 شركة تابعة ومشتركة تعمل في قطاعات متنوعة تشمل الصناعات الكيماوية والمعدنية والدوائية والغزل والنسيج والسياحة والفنادق والمقاولات والتطوير العقاري، مع التركيز على تعزيز قدرتها على التكيف مع المتغيرات العالمية.

ولفت الوزير إلى أن الوزارة تبنت حزمة من الإصلاحات المالية والهيكلية شملت تحديث الهياكل التنظيمية وإنشاء إدارات متخصصة للحوكمة والمراجعة، بما يعزز الالتزام بالمعايير المصرية والدولية، ويهيئ بيئة استثمارية جاذبة، ويضمن التقييم العادل للأصول ويعزز ثقة المستثمرين.

وفي إطار التحول الرقمي، أشار شيمي إلى أن الوزارة تعمل على تطوير البنية التكنولوجية وتوسيع استخدام المنصات الرقمية وتطبيق نظام ERP لتخطيط موارد المؤسسات في الشركات التابعة، بما يسهم في توحيد البيانات المالية وضمان دقتها وشفافيتها، وتوفير تقارير فورية تسهم في سرعة اتخاذ القرار وتعزيز الرقابة الداخلية والامتثال للمعايير الدولية.

وأكد شيمي، أن الوزارة تولي اهتمامًا خاصًا بملف تحول الطاقة وتحقيق الاستدامة من خلال تحديث وتطوير الشركات وتعزيز قدرتها على التكيف مع التحولات العالمية، والتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، فضلًا عن إطلاق مبادرات لتحسين كفاءة استخدام الطاقة في المنشآت الصناعية ودعم الابتكار في التقنيات الجديدة، إلى جانب تعزيز الاستثمارات في المشروعات الخضراء التي تحقق فوائد بيئية واقتصادية.

الكيلاني: “المالية” نفذت واحدة من أكبر عمليات التحول الرقمي في المنطقة

وأكد شريف الكيلاني نائب وزير المالية للسياسات الضريبية، أن وزارة المالية المصرية نفذت واحدة من أكبر عمليات التحول الرقمي في المنطقة، مشيرًا إلى تسجيل أكثر من 3.7 مليار فاتورة وإيصال إلكتروني، ما يتيح للدولة قدرات متقدمة في تحليل البيانات ومراقبة الأنشطة الاقتصادية وتعزيز الحوكمة المالية.

وأوضح أن خطط التحول تشمل أيضًا تطوير منظومتي الجمارك والضرائب العقارية، إلى جانب إعادة هيكلة شاملة للمنظومة المالية للدولة.

أشار الكيلاني، إلى أن التعاون العربي يمثل مدخلًا أساسيًا لتوحيد المعايير ومنع الممارسات غير السليمة في المحاسبة والمراجعة، مؤكدًا استعداد وزارة المالية لنقل التجربة المصرية في الرقمنة إلى الدول العربية الراغبة في ذلك.

أضاف أن السياسات المالية تلعب دورًا جوهريًا في دعم بيئة الاستثمار، وتعزيز الشمول المالي، وتكريس الشفافية وبناء جسور الثقة مع القطاع الخاص.

فريد : الاستثمار القائم على الاستدامة أصبح توجهًا عالميًا رئيسيًا

من جانبه، أكد محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أن تطوير الأسواق المالية غير المصرفية وتحسين بيئة الاستثمار يتطلب دمج ثلاثة محاور رئيسية هي الاستدامة، والشفافية المالية، والتحول الرقمي، مشيرًا إلى أن تكامل هذه العناصر يشكل الأساس لدعم النمو الاقتصادي وتمكين الشركات من الوصول إلى التمويل.

وأوضح فريد، خلال كلمته، أن الاستثمار القائم على الاستدامة أصبح توجهًا عالميًا رئيسيًا، إذ تتجاوز قيمة الأصول المدارة المتعلقة بمبادئ الاستدامة المختلفة نحو 30 تريليون دولار على مستوى العالم، ما يعكس أهمية الإفصاح عن الجوانب البيئية والاجتماعية والحوكمة في جذب رؤوس الأموال.

وأشار إلى أن الهيئة اتخذت خطوات مبكرة لدعم هذا التوجه من خلال إصدار القرارات 107 و108 لسنة 2021 الخاصة بالإفصاحات المرتبطة بالاستدامة والانبعاثات الكربونية، إلى جانب تعديل اللائحة التنفيذية لقانون سوق المال لاستحداث تصنيف واضح (Taxonomy) لأنواع السندات المستدامة مثل السندات الخضراء والزرقاء والبنية، ما أسهم في إصدار أدوات تمويلية بأكثر من 11 مليار جنيه.

أضاف أن الهيئة أنشأت أول سوق كربون طوعي منظم في مصر، بما يسهم في تمويل المشروعات المستدامة ومساعدة الشركات على تلبية متطلبات التحول البيئي.

وفيما يتعلق بالشفافية المالية، أوضح رئيس الهيئة ، أن تطوير معايير المحاسبة والمراجعة كان خطوة محورية لتحسين جودة القوائم المالية وجعلها قابلة للمقارنة، مشيرًا إلى استحداث معايير لإعادة تقييم الأصول الثابتة والاستثمارات العقارية والأصول غير الملموسة، فضلًا عن قرب إصدار معايير تقييم العقارات والآلات والمعدات.

كما أعلن فريد، عن قرب إصدار معايير المراجعة المصرية الجديدة المتوافقة مع المعايير الدولية، موضحًا أن النسخة الحالية صدرت عامي 2007 و2008 ولم تشهد التطوير اللازم منذ ذلك الحين، وأن المعايير الجديدة ستعزز من دور المراجعين وتزيد من مسؤولياتهم في إعداد التقارير المطوّلة بما يعكس الجهد المبذول وجودة البيانات.

الشهيلي: الاتحاد يستهدف تطوير حوكمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة

وقال جواد غانم الشهيلي رئيس اتحاد المحاسبين والمراجعين العرب، إن المؤتمر ليس حدثًا عابرًا، بل يأتي ضمن مشروع أكبر يستهدف تلبية احتياجات المهنة في مجالات الحوكمة والاستدامة وشفافية البيانات المالية.

وشدد على أن الشفافية ليست خيارًا ثانويًا، بل تمثّل العمود الفقري للاقتصادات العربية، مشيرًا إلى أن المؤسسات الدولية باتت تتعامل مع الاتحاد العربي للمحاسبين والمراجعين بوصفه كيانًا موثوقًا وقادرًا على المساهمة في بناء منظومات مالية شفافة.

أضاف أن الاتحاد يستهدف تطوير حوكمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لما تمثله من ركيزة حقيقية للإصلاح الاقتصادي وتعزيز مرونة الأسواق.

بن صالح: الوقوف ضد الفساد والجرائم المالية أصبح هدفًا لا يمكن التفريط فيه

وقدّم وليد بن صالح رئيس الاتحاد الأفريقي للمحاسبة نظرة شاملة عن تطور المهنة في إفريقيا، مشيرًا إلى أن الاتحاد الإفريقي للمحاسبين يضم في عضويته الدول الإفريقية الـ 57 ، وينتسب إلى خمس منظمات دولية كبرى، مما يجعله الصوت الرسمي لإفريقيا في المحافل العالمية.

وأوضح أن القارة تشهد نموًا مستدامًا، مؤكدا أن تفعيل منطقة التجارة الحرة القارية يمثل فرصة استراتيجية لتعزيز التكامل الاقتصادي وتنشيط الاستثمارات.

وتحدث عن استراتيجية الاتحاد المبنية على ثلاثة محاور وهي التحويل، والتحول، والازدهار. فالتحويل يستهدف توظيف المهنة لخدمة الاقتصادات المحلية، أما التحول فيركّز على الرقمنة والشمولية، في حين يسعى محور الازدهار إلى دعم الحكومات والمؤسسات في بناء بيئة مالية مستدامة.

وشدد ابن صالح، على أن الشفافية المالية والوقوف ضد الفساد والجرائم المالية تشكل أهدافًا لا يمكن التفريط فيها، بالتوازي مع ضمان التوافق مع المعايير الدولية.

وأعلن أن الاتحاد حصل على منحة من البنك الإفريقي للتنمية بقيمة 5 ملايين دولار لتعزيز القدرات وتحسين جودة أعمال المحاسبة والمراجعة، إلى جانب توقيع مذكرات تفاهم مع الاتحاد الدولي للمحاسبين وعدد من المؤسسات الأخرى.

الني: المعرفة باتت في الوقت الراهن المصدر الرئيسي للثروة

وقال محمدي أحمد الني، الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية، إن التحول الرقمي والشمول المالي والشفافية والنظم المحاسبية الدقيقة تمثل ركائز أساسية لتحقيق التنمية الشاملة في الدول العربية، مشددًا على أن هذه العناصر أصبحت ضرورة لا غنى عنها في ظل الثورة الصناعية الرابعة وما يتبعها من تحولات عميقة في الاقتصاد العالمي.

وأشار إلى أن مصر تقدم نموذجًا رائدًا في هذا المجال بفضل اهتمام الحكومة بوضع استراتيجيات وتشريعات تعزز التحول الرقمي والشفافية المالية في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة، مؤكدًا أن بعض الدول العربية، وعلى رأسها السعودية والإمارات، قطعت بدورها خطوات متقدمة في هذا الاتجاه.

أضاف الأمين العام، أن المعرفة باتت في الوقت الراهن المصدر الرئيسي للثروة، بعد أن كانت عناصر الإنتاج التقليدية مثل رأس المال والأرض والعمل هي المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي، لافتًا إلى أن كبرى شركات العالم ومنها «أبل» و«جوجل» و«أمازون» تستند في نجاحها إلى المعرفة والابتكار أكثر من اعتمادها على الموارد المادية.

ودعا الني، الجامعات العربية إلى مواكبة التحولات العالمية من خلال تطوير برامجها الأكاديمية بما يتناسب مع الوظائف الجديدة ومتطلبات الاقتصاد الرقمي، مؤكدًا أن مستقبل الأمم مرهون بقدرتها على خوض غمار هذه المرحلة الجديدة.

رجب: النمو الاقتصادي لم يعد يعتمد على عناصر الإنتاج التقليدية وحدها

وقال محمد يوسف رجب، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، إن الاستدامة والشفافية والتحول الرقمي أصبحت تمثل ركائز أساسية لا يمكن الاستغناء عنها لتحقيق التنمية الاقتصادية في العصر الحديث، مشيرًا إلى أن الدول والهيئات التي تستثمر في هذا الثالوث بشكل متكامل ستكون الأكثر قدرة على الفوز في سباق النمو الاقتصادي العالمي.

أضاف أن النمو الاقتصادي لم يعد يعتمد فقط على عناصر الإنتاج التقليدية مثل رأس المال وقوة العمل، بل أصبحت الاستدامة هي البوصلة التي توجه مسار التنمية نحو المستقبل، فيما تمثل الشفافية الجسر الذي تعبر من خلاله الثقة بين أطراف العملية التنموية، وتعزز قيم المساءلة وسيادة القانون. وأضاف أن التحول الرقمي والنظم الذكية باتا أدوات لا غنى عنها لتحقيق نمو مستدام بكفاءة غير مسبوقة.

وايت: قوة المهنة تكمن في قدرتها على بناء الثقة وتعزيزها 

وقال لي وايت، الرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للمحاسبين (IFAC)، إن مهنة المحاسبة والمراجعة تلعب دورًا محوريًا في تعزيز الثقة والاستقرار الاقتصادي عالميًا، مشيرًا إلى أن هذه الثقة هي الأساس الذي يُبنى عليه ازدهار الاقتصادات في مواجهة حالة عدم اليقين التي تسود العالم حاليًا.

وأضاف وايت، أن قوة المهنة تكمن في قدرتها على بناء الثقة وتعزيزها باستمرار من خلال تبني المعايير الدولية ومواكبة التطورات العالمية، مشددًا على أن العلاقة مع الاتحادات الإقليمية والوطنية تمثل ركيزة أساسية في هذا الإطار.

وأشار إلى أن البرنامج الذي يناقشه المؤتمر يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية هي الشفافية، والرقمنة، والاستدامة، موضحًا أن هذه الركائز تتطور بوتيرة متسارعة وتستدعي مشاركة واسعة من المهنيين لتوظيفها في خدمة الاقتصاد العالمي.

أكد وايت، أن مهنة المحاسبة العالمية مستعدة لمواكبة التغيرات واحتضان الفرص الجديدة ومواجهة التحديات الناشئة، مؤكدًا أن الحفاظ على الثقة في هذه المهنة يتطلب أن تكون جميع الممارسات المهنية متسقة مع هذا الهدف.

واختتم كلمته بالتأكيد على أن تعزيز الاستقرار واليقين الاقتصادي في ظل الظروف العالمية الراهنة يعتمد بشكل كبير على الدور الذي يؤديه المحاسبون المهنيون، معربًا عن تطلعه لتعميق التعاون مع الاتحادات العربية في هذا المجال خلال السنوات المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى