نجيب ساويرس: “لا” إصلاح حقيقي دون تمكين القطاع الخاص

أكد المهندس نجيب ساويرس، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة أورا للتطوير العقاري، أنه لا إصلاح حقيقي دون تمكين القطاع الخاص.
وأضاف ساويرس خلال مشاركته في النسخة التاسعة من سلسلة المائدة المستديرة “ثنك كوميرشال”، أمس، أن الإصلاح الاقتصادي يجب أن يتحول إلى “نهج حياة” لا مجرد استجابة للأزمات.
أشار رجل الأعمال، إلى أهمية صفقة الاستثمار الأخيرة على ساحل البحر الأحمر، واصفًا المنطقة بأنها ما تزال “بِكرًا” وتحمل فرصًا واعدة للغاية. لكنه لم يُخفِ استياءه من التعقيدات البيروقراطية، موضحًا أن المستثمرين يقضون من 6 أشهر إلى عام كامل في انتظار التراخيص والقرارات الوزارية، ما يؤدي إلى ارتفاع التكاليف بنسبة تصل إلى 25% بسبب تغير الأسعار خلال تلك الفترة.
وحول أداء شركته “أورا” خلال العام الجاري، قال ساويرس إن الشركة حققت نحو 65 مليار جنيه مبيعات، وهو رقم أقل من بعض الشركات الأخرى، لكنه يعكس نهجًا مقصودًا لتجنب التوسع المفرط على حساب جودة التنفيذ.
وتابع: “الهاجس أن أبني بسرعة، لا أن أبيع أكثر”، مشيرًا إلى أنه قلص عدد العاملين في المبيعات وفضل الحفاظ على وتيرة بيع محسوبة، لتجنّب التعثر مستقبلاً.
السمعة والجودة
قال المهندس نجيب ساويرس، إن تأخر الحكومة في تطوير الساحل الشمالي لم يكن سلبيًا كما يعتقد البعض، بل كان أمرًا إيجابيًا أتاح للقطاع الخاص أن يتقدم بمشروعات متميزة مثل “مراسي” و”ألماظة” و”سيلفر ساندز”.
وأوضح أن القطاع الخاص يعمل بعقلية مختلفة، تهتم بالسمعة والجودة، خلافًا لما سماه “الإنتاج الكمي تحت شعارات اشتراكية”.
وأعرب رجل الأعمال، عن قلقه من تفاقم الديون الخارجية التي بلغت 150 مليار دولار، مشيرًا إلى أن الحكومة لجأت لمشروعات استثمارية بهدف توفير عملة صعبة لسداد الدين.
وطالب بعقد جلسات حوار تجمع المسؤولين الحكوميين مع خبراء سابقين مثل يوسف بطرس غالي ومحمود محيي الدين لاتخاذ قرار بشأن استمرار التعاون مع صندوق النقد الدولي، مضيفًا: “قد لا يكون القرار بأيدينا”.
أرباح صفرية
أكد رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة أورا ، أن المطورين العقاريين يعانون بشدة رغم عملهم الكثيف خلال السنوات الماضية.
وأوضح أن أسعار مواد البناء، التي تحتوي على مكوّنات مستوردة، ارتفعت بشكل ضخم بسبب سعر الدولار والتضخم وارتفاع الفائدة، ما أدى إلى تآكل الأرباح، أضاف أن الدولة والمجتمع ينظرون إلى المبيعات المليارية لشركات التطوير العقاري ولكنهم لا يعرفون أن الأرباح يمكن أن تصل إلى “صفر” أو لا تتخطى 2% في بعض المشروعات، متابعا:”المشروعات التي بيعت وحدث بعدها اكثر من تعويم تكبدت خسائر .. ومشروعي في الشيخ زايد لم يحقق أرباحًا وحمدت ربنا إننا خرجنا دون خسائر».
شدد ساويرس على ضرورة التخلي عن فكرة الاقتصاد المختلط والاشتراكية، التي وصفها بـ”النغمة القديمة”، مؤكدًا أن العالم كله بما فيه الصين وروسيا أصبح يعتمد على النظام الرأسمالي.
وتابع : “القطاع العام لا يجدي، والدولة ليست مضطرة أن تقوم بكل شيء”، مشيرًا إلى أن مشروع العاصمة الإدارية كان ينبغي أن ينفذه القطاع الخاص.
مؤشرات إيجابية
كشف المهندس نجيب ساويرس، عن بعض المؤشرات الإيجابية للاقتصاد، منها طفرة السياحة، وعودة تحويلات المصريين بالخارج بعد تعويم الجنيه، بجانب خفض سعر الفائدة بنسبة 2%، داعيًا إلى الاستمرار في التخفيض حتى تصل إلى 8-10%.
لكنه طالب في المقابل بوقف المشاريع الكبرى ذات المكون الدولاري المرتفع مؤقتًا، والتركيز على تسليم المشاريع القائمة، كما تفعل شركته حاليًا، لتقليل الضغط على العملة الأجنبية.
وانتقد ساويرس فرض رسوم بأثر رجعي على مشروعات الساحل الشمالي، معتبرًا أن ذلك مخالف للقانون .. ومنطقيا غير قابل للتطبيق ، لا سيما في المشاريع التي بيعت بالفعل.
الفقاعة العقارية
جدد رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة أورا ، تحذيره من الفقاعة العقارية، معتبرًا أن الشركات التي توسعت في البيع على فترات طويلة (12-15 سنة) ستكون في خطر، أما من يبيع بذكاء وعلى مراحل محسوبة، فلن يواجه أزمة.
أكد ساويرس أن توجهه نحو الاستثمار في الذهب ليس جديدًا، بل بدأ منذ أكثر من 14 عامًا، كاشفًا عن حصول شركته على 5 تراخيص تنقيب جديدة في مصر، لافتا إلى أن النتائج الأولية مبشرة.
وانتقد رجل الأعمال ، سياسات الحكومة السابقة التي عطلت القطاع بسبب شروط مجحفة مثل اقتسام 50% من العوائد دون تحمل المخاطر، في مقابل دول إفريقية منها غانا وساحل العاج التي تفرض 5–6% فقط من الإتاوات.
أضاف أن إيرادات الذهب يمكن أن تتجاوز الإرادات من البترول إذا تم التعامل مع القطاع بالشكل الصحيح، مشيدًا بإصلاحات وزير البترول السابق طارق الملا في هذا الملف.
برنامج الطروحات
وشكك رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة أورا، في جدية الحكومة بشأن الخصخصة، مشيرًا إلى أن ما تم خلال السنوات الخمس الماضية لا يتجاوز “الطروحات الجزئية”، رغم أن شركات عدة أُعلن عن نيتها للبيع ولم يتم تنفيذ شيء.
وتابع:” إذا طرحت شركة وخرجت لك 5 عروض بسعر واحد، فهذا هو سعر السوق .. لا يمكنك رفضه وتقول إن السعر سيئ”.
وجّه ساويرس نصيحة مباشرة للشباب بعدم الاستعجال نحو الثراء، قائلاً: “الحياة ليست مارك زوكربيرج فقط، لا تبدأ تطبيقًا جديدًا قبل أن تسأل ChatGPT إذا كان موجودًا بالفعل!”.
وأكد أن الذكاء وحده لا يكفي، بل يحتاج إلى جهد وإصرار، قائلاً إن “العمل لن يأتي إليك، أنت من تذهب إليه”.
الطفرة السياحية
واستعرض ساويرس، جهود شركته في تطوير منطقة الأهرامات، معتبرًا المشروع نقلة تاريخية، بعد مواجهة عنيفة مع أصحاب الخيول والجِمال، وتحويل المنطقة إلى وجهة حديثة بها حافلات كهربائية، ومراكز زوار، وتنظيم دقيق للدخول والخروج.
كما اعتبر افتتاح المتحف المصري الكبير في نوفمبر حدثًا تاريخيًا، لكنه شدد على ضرورة بناء مزيد من الفنادق لاستيعاب الطفرة السياحية المتوقعة، موضحًا أن دولًا مثل تركيا والإمارات تتفوق على مصر في عدد السائحين رغم امتلاك الأخيرة لتراث أعظم.
ورغم تحفظه، أكد ساويرس أنه لا يرى نفسه منعزلاً عن السوشيال ميديا، موضحًا أن تواجده على منصة “X” (تويتر سابقًا) يمنحه تواصلًا مباشرًا مع الناس. لكنه أضاف مازحًا: “لا أحد غيري هناك، لأنها إما أن تضعك في مشكلة، أو في مشكلة!”
مشروعات السودان والعراق
أكد ساويرس ، أن شركته وقعت بروتوكولًا مع الحكومة السودانية للعودة مجددًا إلى الاستثمار في التعدين، لكنه عبّر عن أمله في انتهاء الحرب الدائرة هناك.
كما أشار إلى استمرار تنفيذ مشروعه في العراق رغم الأزمات الجيوسياسية، مؤكدًا أن “الخوف دائمًا يؤثر على قرار الشراء”.
استثمارات العائلة
قال رجل الأعمال نجيب ساويرس إن الجيل الثاني من عائلة ساويرس ينظر إلى الاستثمار بزاوية تكنولوجية مختلفة، مثل الفنتك والتطبيقات، مضيفًا أنه لا يتدخل في اختيارات أبنائه، كما لم يتدخل والده في اختياراته. وشدّد على أن أبناء العائلة ناجحون، ولم يُفسدهم المال.
أما عن سباق الثروة داخل العائلة، فنفى وجود أي تنافس، مشيرًا إلى أن “الأرقام المنشورة لا قيمة لها، ولا أحد منا يعرف كم يملك بالضبط”.