«إنفستجيت» تستكشف دمج فرص الاستثمار في العقارات والسياحة بمصر

أطلقت «إنفستجيت» مائدتها المستديرة السادسة والعشرين، يوم الأربعاء الماضي، لتسليط الضوء على تنامي التكامل بين قطاعي العقارات والسياحة في مصر، باعتبارهما ركيزة أساسية لنموذج التنمية المستقبلية للدولة.
أُقيمت المائدة المستديرة تحت عنوان «من التراث إلى الآفاق: دمج فرص الاستثمار في العقارات والسياحة»، وشهدت نقاشات معمقة تمحورت حول فهمٍ متجدد وجوهري مفاده أن العقارات تتجاوز مفهوم البناء المادي إلى كونها تجسيدًا لإنشاء وجهات معيشية مستدامة، وصناعة معالم ثقافية، ومراكز جذب سياحي عالمية.
وتم خلال المائدة استعراضُ الكيفية التي يشكّل بها الاستثمار العقاري — من هضبة الجيزة والقاهرة التاريخية إلى العلمين الجديدة وسيناء والأقصر والفيوم — العمودَ الفقريَّ للقدرة التنافسية لمصر من خلال تعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي وترسيخ ثقة المستثمرين.
كما أتاحت المائدة فرصةً لتسليط الضوء على إسهام مشروعات إحياء التراث وتطوير الضيافة الحديثة في بناء وجهات متكاملة تجمع بين الثقافة والتجارة والمجتمع، بما يعيد رسم ملامح تخطيط الوجهات السياحية وتسويقها وتمويلها، ويؤكد مكانة القطاع العقاري كأحد المحركات الرئيسة للتنمية السياحية في مصر والمنطقة.
وخلال النقاش، تناول المشاركون سبل تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لتسريع وتيرة التنفيذ وفتح آفاق جديدة في مناطق التراث والمنتجعات والمراكز الحضرية الناشئة.
كما تطرقت الحوارات إلى أهمية مشروعات الوحدات السكنية ذات العلامات التجارية والمجتمعات المتكاملة والمشروعات القائمة على الضيافة، ودورها كمحرّكات رئيسة للنمو من خلال ربط تدفقات رأس المال العالمي بالمقومات الثقافية الفريدة لمصر، بما يرسّخ مكانتها كبوابة رائدة للسياحة والاستثمار في المنطقة.
وشملت المائدة المستديرة جلستين رئيسيتين: جاءت الجلسة الأولى بعنوان «خريطة طريق مصر لقطاعي العقارات والسياحة: السياسات والاستراتيجيات والحوافز»، وركزت على أربعة محاور رئيسة: مواءمة تكامل قطاعي العقارات والسياحة مع رؤية مصر 2030، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لدفع النمو المستدام، والاستفادة من التراث والضيافة والتطوير العمراني كمحفزات اقتصادية أساسية، إلى جانب استكشاف فرص الاستثمار والحوافز الحكومية الرامية إلى جذب المستثمرين المحليين والدوليين.
أما الجلسة الثانية، التي حملت عنوان «إطلاق النمو – دور القطاع الخاص في تنمية العقارات والسياحة»، فقد تناولت سبل تحويل التوجهات والسياسات العامة إلى رؤى عملية قابلة للتطبيق، وآليات دمج قطاع العقارات مع السياحة والضيافة، وظهور مفاهيم جديدة مثل المساكن ذات العلامات التجارية، والمجتمعات السكنية المتكاملة، واستراتيجيات تطوير الوجهات السياحية.
وقالت صفاء عبد الباري، المدير العام ومدير تطوير الأعمال بشركة «إنفستجيت»، إن موضوع المائدة المستديرة يأتي في توقيتٍ مهم، إذ يتزامن مع افتتاح المتحف المصري الكبير، مشيرةً إلى أهمية التكامل بين قطاعي العقارات والسياحة ودورهما في دفع النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى كون العقارات تُعد واجهة متكاملة تجمع بين المعيشة والسياحة والثقافة.
وأوضح عبد الخالق إبراهيم، مساعد وزير الإسكان للشؤون الفنية، أنه عند بدء العمل في مدينة العلمين الجديدة عام 2016، كان أول المشروعات المطروحة هو الأبراج السكنية، وهو ما أثار تساؤلات حول سبب البدء بهذا النوع من المشروعات، مشيرًا إلى أن هذا التوجه جاء انطلاقًا من طبيعة الساحل الشمالي الذي يضم مشروعات تستقطب السياحة الدولية وأخرى تخدم السياحة المحلية، مما يستدعي تنوعًا في النمط العمراني.
وصرّح المهندس خالد صديق، رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الحضرية، بأن الصندوق يواصل جهوده في المناطق التاريخية، وعلى رأسها مدينة القاهرة، مع التخطيط للتوسع في رشيد والإسكندرية، مؤكدًا أن مشروعات إحياء القاهرة التاريخية تستهدف استعادة الأصل والهوية وتحويلها إلى واحدة من أجمل مدن العالم.
وأشار إلى أن الصندوق يعمل بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار لإجراء الدراسات اللازمة لترميم وتطوير المناطق المتدهورة، موضحًا أن هناك مناطق قام الصندوق بشرائها بالتراضي من الأهالي بالقيمة السوقية العادلة بهدف إعادة إحيائها مع الحفاظ على الطابع الإسلامي المميز، وتحويلها إلى وحدات فندقية تسهم في جذب السياحة الأجنبية.
وفي السياق ذاته، أشار الدكتور مصطفى منير، رئيس الجهاز التنفيذي للهيئة العامة للتنمية السياحية، إلى أنه منذ عام 2013 بدأت الدولة العمل على تهيئة مصر لمرحلة جديدة من التنمية من خلال بناء المدن الجديدة وتطوير المناطق العشوائية، مشيرًا إلى أن مصر باتت اليوم في مرحلة التحسين والانطلاق.
وأوضح أن عدد السياح وصل إلى 16 مليون سائح، وهو رقم كبير نسبيًا لكنه لا يتناسب مع حجم ومكانة مصر السياحية، مضيفًا أن معدل الإشغال الفندقي بلغ 95% خلال العام الماضي نتيجة ارتفاع الطلب وتنوع شرائح السياح القادمين من مختلف دول العالم، إلى جانب تطور مستوى السياح وارتفاع متوسط إنفاقهم.
وبيّن أن إجمالي الاستثمارات في قطاع السياحة منذ تسعينيات القرن الماضي بلغ نحو 5 تريليونات جنيه، موضحًا أن 95% من الاستثمارات المستهدفة في البحر الأحمر وفقًا للائحة الجديدة تتركز في الاستثمار الفندقي وليس السكن السياحي، بما يعزز العوائد المستدامة للقطاع، كما أن الهيئة تستهدف تدشين 334 ألف غرفة فندقية خلال السنوات القادمة.
وأفاد محمد يوسف، مستشار رئيس الهيئة للترويج بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، بأن الاستثمارات الخليجية اتجهت مؤخرًا نحو منطقة البحر الأحمر بعد الطفرة التي شهدها الساحل الشمالي منذ عام 2013، مؤكدًا أن هذا التوسع يعكس ثقة المستثمرين في السوق المصري وتنوع الفرص الاستثمارية المتاحة به.
وأوضح هشام الدميري، العضو المنتدب التنفيذي لشركة «إيجوث»، أن الهدف الأساسي للشركة يتمثل في إدارة أصول الدولة الفندقية، حيث تمتلك مجموعة كبيرة من الفنادق التاريخية، موضحًا أنه تم الدخول في شراكات متعددة لتطوير وإحياء هذه الفنادق، من بينها فندق الكونتيننتال الذي يجري إعادة إنشائه وإحياء تاريخه العريق.
وأكد أن الهيئات الحكومية عند مشاركتها في هذه المشروعات تضع تطوير القاهرة في مقدمة أولوياتها، وليس العائد الاستثماري فقط، لافتًا إلى أن فندق شبرد من المقرر الانتهاء من تطويره في الربع الثاني من عام 2027.
وأوضح كريم سلطان، الرئيس التنفيذي لشركة DCUD (دلتا كابيتال للتطوير العقاري)، أنه حان الوقت لدمج قطاعي التطوير العقاري والضيافة في إطار موحّد يُقدّم منتجًا متكاملًا قادرًا على تلبية احتياجات السوق الراهنة بفاعلية.
وبيّن بهاء سالم، رئيس مجموعة السالم القابضة، أن هناك نوعًا مهمًا من السياحة يجب التركيز عليه خلال الفترة المقبلة، وهو السياحة الترفيهية الحديثة، على غرار ما حققته المدن الإماراتية من نجاحات كبيرة في هذا المجال، مشيرًا إلى أن تطوير هذا النوع من السياحة في مصر من شأنه أن يدر عائدات ضخمة تُسهم في دعم وتنشيط السياحة الثقافية والتاريخية.
وصرّح المهندس عمرو جزارين، رئيس مجلس إدارة شركة «أوراسكوم بيراميدز»، بأن إسناد إدارة منطقة هضبة الأهرام إلى الشركة مثّل نقطة تحول مهمة في تطوير تجربة الزيارة وتحسين جودة الخدمات المقدمة داخل المنطقة، وهي تجربة فريدة وتحدٍ كبير، إذ لم يسبق لأي جهة تنفيذ مشروع بهذا الحجم والتكامل في هذا الموقع التاريخي من قبل.
وأضاف علاء عاقل، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لـ«مجموعة فنادق جاز»، أن زيادة الطلب على السياحة تمثل المحرك الأساسي لتشجيع الاستثمار الفندقي، مؤكدًا أن التكامل بين القطاعين العقاري والسياحي أصبح ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة.
ولفت إلى أن الطفرة العقارية الكبرى في منطقة ألماظة، وما شهدته من تطور في المشروعات الفندقية، ساهمت بشكل واضح في جذب المستثمرين الأجانب وتعزيز النشاط السياحي بالمنطقة.
وأفاد كريم شافعي، رئيس مجلس إدارة شركة «الإسماعيلية للاستثمار العقاري»، بأن منطقة وسط البلد تُعد من أهم المناطق للمصريين، لأنها تعكس الهوية المصرية المعاصرة، موضحًا أن السائح حين يزور القاهرة يرغب في خوض تجربة فريدة تعبّر عن روح المدينة وحياتها اليومية، إذ تتيح هذه المنطقة فرصة لاستكشاف المجتمع المصري بكل تنوعه وثقافته.
وأكد أحمد إهاب، الرئيس التنفيذي لشركة «مدار للتطوير العقاري»، أن تطوير البنية التحتية في منطقة الساحل الشمالي الغربي خلال عام 2023 كان له دور محوري في تحقيق نمو ملموس بالمنطقة، تُوّج بإبرام صفقة رأس الحكمة التي مثلت نقطة تحول استراتيجية في جذب الاستثمارات الكبرى، موضحًا أن استمرار التوسع في مشروعات البنية التحتية، بما في ذلك إنشاء المطارات وتطوير شبكات الطرق، من شأنه تعزيز جاذبية المنطقة للاستثمارات المحلية والدولية خلال المرحلة المقبلة.
وأضاف وائل الورداني، الرئيس التنفيذي للعمليات بشركة «فانتدج للتنمية العمرانية»، أن زيادة أعداد السائحين تمثل محورًا أساسيًا لتحقيق رؤية مصر التي تستهدف جذب 30 مليون سائح سنويًا، مؤكدًا أن هذا الهدف يتطلب تعاونًا وثيقًا بين القطاعين العام والخاص لضمان استدامة التنمية السياحية.
وأوضح آسر حمدي، عضو اللجنة السياحية بالغرفة التجارية الأمريكية، أن الاستثمار في القطاعين العقاري والسياحي يُعد وجهين لعملة واحدة، فالتنمية الشاملة لا يمكن أن تتحقق دون وجود نشاط سياحي متكامل يدعم التطوير العمراني ويمنحه هوية مميزة، مشيرًا إلى أن المدن أصبحت تُعرف اليوم بمعالمها العمرانية من أبراج ومطارات ومشروعات سياحية كبرى، وهو ما يعكس الأثر الاقتصادي للتنمية العمرانية في خلق فرص عمل وتنشيط الحركة الاقتصادية.
وأكد أيمن عباس، رئيس مجلس إدارة شركة «إنترو القابضة»، أن لمصر هدفًا واضحًا في مجال التنمية السياحية يتمثل في احتضان السائح الأجنبي، مؤكدًا امتلاكها جميع المقومات الطبيعية التي تؤهلها لتكون من أبرز المقاصد السياحية عالميًا، من مناخ معتدل وسواحل خلابة، إلى جانب ما تزخر به من آثار تاريخية فريدة ونهر النيل.
وأوضح أحمد كيره، العضو المنتدب لمجموعة «حروف للمشروعات السياحية»، أن المشاركة في هذا المؤتمر تأتي في إطار دعم وتنمية ما يُعرف بسياحة المؤتمرات، باعتبارها إحدى الركائز المهمة لتطوير القطاع السياحي وجذب شرائح جديدة من الزوار.
وأكدت مها عبد الرازق، الرئيس التنفيذي لشركة «مصر لإدارة الأصول العقارية»، أهمية تنويع أنماط السياحة في مصر وعدم الاكتفاء بالسياحة الترفيهية فقط، مشيرةً إلى أن من بين الأنماط الواعدة سياحة التسوق، موضحةً أن العديد من الشركات التركية والعالمية تصنع منتجاتها داخل مصر، وهو ما يفتح المجال لتنظيم فعاليات مثل «أسبوع التسوق» لجذب الزوار وتنشيط الحركة التجارية والسياحية في آن واحد.
وأوضح أدهم البديوي، نائب الرئيس التنفيذي لـ«مجموعة براسبل للفندقة»، أن الشركة تعمل وفق ثلاثة محاور رئيسة تشمل المالك والمشغّل والمورّد، بما يضمن التكامل في منظومة العمل وتحقيق أعلى كفاءة تشغيلية واستثمارية.
وأكد معتز أمين، الرئيس التنفيذي لـ«مجموعة برايم للإدارة الفندقية»، أن الشقق الفندقية تمثل المحرك الرئيس القادم لتوجهات المطورين العقاريين، سواء من حيث توجيه الاستثمارات نحو القطاع السياحي أو توظيفها في مشروعات الاستهلاك السياحي، لما توفره من مرونة تشغيلية وعائد استثماري مستدام.