جمعية “رجال الأعمال المصريين الأفارقة”: تجربة مصر في الإصلاح الاقتصادي نموذج يمكن تعميمه في أفريقيا

«مصر لم تعد مجرد مصدر للاستثمارات في أفريقيا، بل باتت تمتلك نموذجًا اقتصاديًا يُحتذى به».. بهذه الكلمات يلخص يسري الشرقاوي، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، رؤيته لدور مصر في القارة السمراء.
وقال في مقابلة مع «البورصة»، إن نقل تجربة الإصلاح الاقتصادى المصري عبر القطاع الخاص سيعزز ثقة المستثمرين الأفارقة ويعمّق الشراكة بين القاهرة وعواصم القارة.
وأوضح أن الاستثمارات المصرية تتركز بقوة في كينيا وتنزانيا، خصوصاً في قطاعات الزراعة والطاقة والبنية التحتية.
وكشف الشرقاوي، أن هناك توجهاً من الشركات المصرية الصغيرة والمتوسطة نحو البحث عن فرص في أفريقيا، لافتاً إلى أن الجمعية دعمت دخول 17 شركة مصرية إلى الأسواق الأفريقية خلال ثلاث سنوات.
وسجلت الاستثمارات المصرية داخل القارة الأفريقية نحو 12 مليار دولار من القطاعين العام والخاص، مقابل 2.2 مليار دولار من الاستثمارات الأفريقية في السوق المصري.
التوسع في أفريقيا يتطلب منظومة متكاملة لدعم الصادرات والشحن والنقل
وقال الشرقاوي لـ«البورصة»، إن الجمعية حصدت خلال ست سنوات نتائج عمل مكثف استهدف بناء حضور مصري فاعل في القارة، من خلال التعريف بالمنتجات الوطنية والتواصل المباشر مع مجتمع المال والأعمال الأفريقي.
وأشار إلى أن الجمعية نظمت مؤتمرات افتراضية وأبرمت بروتوكولات تعاون مع جهات متعددة لدعم التواجد المصري فى القارة السمراء.
وذكر أنه خلال العام الجاري شاركت الجمعية في مؤتمر الاستثمار الدولي بزامبيا، كما قادت جولة في إقليم الساديك الجنوبي بموزمبيق، بهدف فتح قنوات تواصل جديدة وتعزيز الشراكات.
وأضاف أن الجمعية عقدت اجتماعات موسعة مع العديد من الجهات الحكومية منها وزارة المالية وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات، وذلك لمعالجة التحديات التي تواجه مجتمع الأعمال المصري الأفريقي وتطوير آليات التعاون الاستثماري.
وأوضح أن الصادرات المصرية إلى أفريقيا ارتفعت من 4.2 مليار دولار في 2014 إلى 7.7 مليار دولار العام الماضي، ما يعد مؤشراً إيجابياً رغم العقبات.
أكد أن تأسيس الأسواق يعد من أكثر مراحل التجارة الدولية تعقيداً وقد يستغرق نحو 7 سنوات، بينما يكون التوسع اللاحق أسرع، كما لفت إلى وجود تحديات تعرقل نمو الصادرات، من بينها طول مدة النقل البحري بين الموانئ الأفريقية، وصعوبة تحويل الأموال للخارج، وضعف تفعيل الاتفاقيات الدولية مثل الكوميسا، إلى جانب محدودية تعريف الأسواق.
وتوقع أن يشهد التواجد المصري في أفريقيا نموا ملحوظاً بحلول عام 2030 مع استمرار التوجه الرسمي والاقتصادي نحو القارة.
وبلغ حجم التبادل التجارى بين مصر ودول الاتحاد الأفريقي نحو 9.8 مليار دولار خلال العام الماضى، مقابل 9.2 مليار دولار خلال 2023، وفقا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
أشار رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، إلى أن الإصلاحات الاقتصادية أعادت الثقة للقطاع الخاص والحكومة خلال الفترة الحالية.
12 مليار دولار حجم الاستثمارات المصرية داخل القارة
وأكد أن حزمة الحوافز الضريبية الأولى، أثمرت بنتائج غير مسبوقة، خاصة فيما يتعلق بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأوضح الشرقاوي، أنه بحث خلال حوار مجتمعي مع وزير المالية مدى مشاركة القطاع الخاص ومجتمع المال والأعمال في دعم مختلف الملفات الاقتصادية والتنموية، حيث تناول الحوار مجموعة من القضايا الضريبية والجمركية، بما في ذلك الإجراءات الجمركية وما يتعلق بالكود الجمركي ومشكلاته، بالإضافة إلى الخلافات التي قد تنشأ بين هيئة الرقابة على الصادرات والواردات والجمارك حول بعض البنود الجمركية المحددة.
كما تناول الحديث إمكانية توفير حوافز متخصصة للراغبين في العمل داخل المجتمع الأفريقي، تشمل حوافز مالية أو عينية، مثل مزايا للراغبين في زراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل الأرز، كمبادرات تطلقها الحكومة لدعم هذا الاتجاه.
وأكد الشرقاوي، أن مصر تمتلك تجربة قوية في الإصلاح المالي، وأن هناك إمكانية لنقل هذه التجربة إلى حكومات القارة الأفريقية، مشيرًا إلى أن نقلها عبر القطاع الخاص سيكون أكثر مصداقية، خاصة إذا تم ذلك بشكل غير مباشر.
ولفت إلى ضرورة وجود مبادرة مالية متخصصة للعمل مع القارة الأفريقية لمدة ثلاث إلى أربع سنوات، وربط هذه المبادرة بدعم فوري للصادرات الموجهة إلى الدول الأفريقية، إضافة إلى تخصيص دعم للشحن البحري والنقل للقارة.
وشدد على أهمية تقديم إعفاءات ضريبية للمصدرين إلى القارة الأفريقية، وكذلك حوافز جمركية أو إعفاءات لمستوردي الخامات من داخل القارة، بدلاً من الاستيراد من خارجها، بهدف تعزيز التبادل التجاري وتحقيق فوائد اقتصادية مشتركة.
الشرقاوى: 17 شركة مصرية تقتحم الأسواق الأفريقية آخر 3 سنوات
وأضاف أن مصر تستورد أكثر من 80٪ من خامات الإنتاج والسلع، وبالتالي فإن وضع حوافز استيرادية لاستيراد الخام من افريقيا سيكون له أثر إيجابي على القطاع الصناعي والتجاري مستقبلا.
وأشار إلى أن التجارب الدبلوماسية أثبتت أن الاتفاقيات التجارية تبقى “حبر على ورق” إذا لم تكن هناك بنية تحتية قوية للتنفيذ، مستشهدًا بتجربة الاتحاد الأوروبي، حيث يمكن للأفراد والشركات التنقل بسهولة بين دول الاتحاد وتقديم خدماتهم ومنتجاتهم دون عراقيل، وهو ما يفتقر إليه الكثير من الاتفاقيات بين دول غير متساوية في البنية التحتية أو الأيديولوجية.
وأوضح أن الوضع مشابه في القارة الأفريقية، حيث تواجه الاتفاقيات تحديات كبيرة تتعلق بالنقل والطاقة، رغم ذلك فإن محاولات توحيد وتفعيل الاتفاقيات تُعد جادة ومشكوّة، وأبرز مثال على ذلك اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية التي بدأت عام 2019 ودخلت حيز التنفيذ، حيث بدأت بعض الدول في رفع الحوافز الجمركية عن السلع، وهو أمر إيجابي، لكنه يحتاج إلى المزيد من التوحيد في الممارسات الجمركية على الحدود.
وأكد الشرقاوي، أن الإجراءات الجمركية لاتزال تواجه تحديات بسبب الحاجة إلى إعادة النظر والتدقيق في المستندات من قبل الأطراف الأفريقية، وهو ما يستلزم عقد اجتماعات مكثفة ضمن الاتفاقيات الدولية في قطاع التجارة الخارجية، لضمان تسهيل حركة البضائع من المصانع مباشرة إلى الأسواق الأفريقية، بما يعزز التبادل التجاري ويحقق المنفعة للطرفين.